الاتفاقيات الدولية وأوجه الاستفادة منها

تعرف الاتفاقية الدولية على أنها اتفاق مكتوب بين دولتين أو أكثر تحدد التزاماتها وحقوقها في مجال محدد. ويمكن استعمال مصطلحات مختلفة أخرى كذلك مثل معاهدة أو اتفاق ... إلخ. وتختار الحكومات الوطنية محتوى الاتفاقيات، ما دامت تقرر ما إذا كانت ستتبناها أم لا بقيد مهم واحد: يجب ألا تتناقض أحكام اتفاقية ما مع القواعد الآمرة التي تلزم جميع الدول وهي أحكام القانون الدولي. إضافة إلى ذلك، تقبل جميع الدول بعد التزامها بميثاق الأمم المتحدة أن ميثاق الأمم المتحدة يسود على أي اتفاقية دولية أخرى (المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة).
‏يدرس جميع الأطراف الاتفاقيات الثنائية التي توقعها المملكة مع الدول المختلفة ومن هذه الجهات الخارجية السعودية وهيئة الخبراء في مجلس الوزراء واللجان الفرعية المنبثقة عنها وتحال في الأغلب لمجلس الشورى وتدرج أوجه الاستفادة كافة التي تغلب المصلحة الوطنية وتسهل مهمة التبادل التجاري والاستثمار والعلمي والثقافي والرياضي وغير ذلك من المجالات وإزالة العوائق التي قد تعرض ذلك كما تدرج أوجه الحماية المطلوبة للاستثمار‏ التي تشجع قيام مشاريع مشتركة وبعض الدول تتفق معا على قيام مناطق حرة لتقليل القيود التجارية عليها ويجتهد أصحاب الاختصاص في تهيئة المجال للتبادل التجاري في هذه الاتفاقيات على نحو يغلب مصلحة المستثمر السعودي والمنتج السعودي كذلك وحركة الأموال والعوائد بما يضمن للمستثمر السعودي استثمارا مجديا ويضبط العلاقات التعاقدية وفض النزعات على نحو منصف للطرفين، وتظهر فيه الدبلوماسية السعودية أقصى دراجات تغليب المصلحة الوطنية وتضع الدولة ثقلها خلف ذلك ‏باعتماد هذه الاتفاقيات رسميا فيما بعد والتوقيع عليها وعلى البروتوكولات المنبثقة عنها نيابة عن القطاع الخاص السعودي ليبقى الدور الكبير معولا على تفعيل هذه البنود الواردة في هذه الاتفاقيات من قبل القطاع الخاص ومن خلال مجالس الأعمال ولجان المتابعة التي حددتها بوضوح المادة رقم (42) في نظام الغرف التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/37) في 22/4/1442هـ ولائحة تنظيم مجالس الأعمال السعودية الأجنبية التي تشرف عليها وزارة التجارة التي تخضع للتطوير الدائم وفق ما يستجد، كان آخرها ‏عام 2020 .
لدى المملكة العربية السعودية حاليا 43 مجلس أعمال تشمل كلا من فرنسا وبريطانيا وروسيا والهند والبحرين والإمارات وعمان واليمن والأردن ولبنان والعراق وباكستان وكوريا وتايوان وماليزيا والصين وإندونيسيا وسنغافورة وكازاخستان واليابان وبولندا وتركيا والتشييك وأيرلندا والدنمارك وألمانيا وسويسرا وبريطانيا وإيطاليا والسويد وهنجاريا والنمسا وإسبانيا وفرنسا ومصر ‏والسودان وتونس والجزائر وأستراليا وجنوب إفريقيا والمغرب وجيبوتي وكندا ونيوزيلندا.
‏وتتأكد الفائدة المرجوة من هذه الاتفاقيات الثنائية بتفعيلها في المجالات الاقتصادية والمزايا النسبية التي تميز هذه الدول وتعطي الأولوية لتصدير المنتجات السعودية فكلما كانت الصادرات السعودية لهذه الدول أكبر من الواردات منها انعكس ذلك إيجابيا على الاقتصاد المحلي وتحسين الميزان التجاري لمصلحة المملكة من أجل ذلك تبنت الدولة دعم الصادرات السعودية من خلال هيئة تنمية الصادرات وتحسين كفاءة التصدير وتطوير القدرات للمنشآت السعودية للتصدير ودعم ذلك بالترويج له وإرشاد المستثمرين للمنافذ المناسبة لمنتجاتهم. والاستفادة من التسهيلات والدعم المحلي في إنشاء بنك للصادرات وكذلك التسهيلات التي توفرها صناديق الدعم، كما يفعل دور هذه الاتفاقيات بتشجيع الوفود التجارية وإقامة المعارض وورش العمل المشتركة ومن الفرص المتاحة ضمن هذه الاتفاقيات الاستفادة من حصص التصدير لبعض الدول وغير المستغلة "الكوتا" التي تعطي المملكة مجالا للتصدير.
وحيث إن الأمر يتعلق بالاستيراد والتصدير فإن الأمر يتطلب معرفة وضع المملكة في ذلك، منذ آذار (مارس) 2019 الى الربع الثاني من عام 2021 عانى الاقتصاد العالمي بما فيه الاقتصاد المحلي أزمة كرونا التي بدأت ولله الحمد بوادر زوالها في المملكة ملحوظة بفضل من الله ثم بجهود مخلصة من ولاة الأمر وانعكس هذا التعافي على الاقتصاد المحلي في نهاية 2020 وأصبح ملاحظا في طلائع الربع الثالث من العام الجاري حاليا سجلت الصادرات السلعية حسب الهيئة العامة للإحصاء عام 2020 البالغة 981 مليار ريال انخفاضا عن عام 2019 بنسبة 33.5 في المائة، حيث بلغت قيمتها 652 مليار ريال فقط وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات البترولية بنسبة 40.5 في المائة، كما سجلت الصادرات غير البترولية انخفاضا بنسبة 10.8 في المائة 202 مقارنة بعام 2019 وسجلت الواردات في عام 2020 انخفاضا نسبته 9.9 في المائة بمقدار بلغ 56.9 مليار ريال، حيث بلغت قيمتها 517.5 مليار ريال في عام 2020، مقابل 574.4 مليار ريال عام 2019، وذلك نتيجة انخفاض أسعار السلع مقارنة بعام 2019.
وبلغت واردات المملكة عام 2019، 1574,36 مليار ريال، بينما بلغت في الربع الأول والثاني من عام 2021 مبلغ 280,446 مليار ريال، ويتوقع أن تكون الواردات بنهاية عام 2021 لا تختلف كثيرا عن عام 2019.
تمثل المواد الغذائية وما في حكمها 78 في المائة من إجمالي الواردات وتمثل الآلات والمعدات والمعادن والمجوهرات وغيرها 22 في المائة.
إن من الفرص التي تتيحها هذه الاتفاقيات وتخدم المحلي أقدام المستثمرون السعوديون على التوسع في الاستثمار في الدول التي يتم استيراد هذه المواد الغذائية والسلع، وقد بدأ بعض المستثمرين لا سيما في الرز والقمح والأعلاف بالاستثمار في الخارج وهذا توجه صحيح للحصول على مزايا تمويلية وتسهيلات وتعظيم لفائدة الاقتصاد المحلي بالاستيراد من استثمارات سعودية أصلا ولو جزئيا وهو ما يقلل استنزاف العملة الصعبة ويخفض فاتورة الاستيراد على الاقتصاد الوطني. وستبقى هذه الاتفاقيات مجالا خصبا لرجال الأعمال للاستفادة منها ومراجعتها قبل الدخول في أي استثمارات جديدة مع الدول ذات العلاقة وتحسين ظروفها أيضا بتقديم المقترحات بما يعين المختصين أخذها في عين الاعتبار عند تجديدها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي