حماس التوقع

متعة السفر ليست في ذاته، بل في الأوقات التي تقضيها من أجله، من تفكير وتخطيط واختيار وإجراءات وغيرها، ولك أن تتخيل مدى السعادة عند التفكير في شراء أول لعبة أو هاتف أو سيارة وتستحضر مع هذه الفكرة مقدار البهجة التي تعطيها الأشياء وحلاوة المفاجأة المتوقعة.
سر المتعة في حماس التخيل وقوة الصورة المتجلية أمام العين في المستقبل واختلاطها بمشاعر وعواطف جياشة كونت خليطا من ردود الفعل المتخيلة التي تلامس مناطق الراحة لدى الإنسان، مثل الشعور بالفوز والانتصار والتملك والامتلاء، وهو ما يترجم الميزانيات المليارية لسوق المراهنات في العالم وانتشار تطبيقات توقع سيناريو مباريات كرة القدم وكرة المضرب وسباقات الخيل والمراهنات الإلكترونية الخاصة حتى سوق الأسهم تتأثر بفعل التوقعات.
المحافظة على مستوى المشاعر أمر في غاية الصعوبة، قالوا "كثرة المساس يميت الإحساس"، بيد أن المحبط الوصول إلى مستوى متقدم وفقد الشعور بأي بهجة مهما كان الباعث، والحل هو التخطيط للتجديد.
التجديد أحد السنن الكونية التي تؤكد عظمة الإنسان وقدرته على الاختيار في الاستمرار ببهجة أو حزن يؤيد ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى "كل يوم هو في شأن"، والتجديد علاج لسرعة ذوبان المتعة في بحر التجربة وانطفاء وشائج التخيل بعد الامتلاك وبرود العواطف بعد إدامة النظر.
في النهاية، فإنه كلما اعتقدت أن شيئا ما سيجعلك سعيدا طوال الوقت، ستراه، والعكس صحيح، لذا سيظل حماس التوقع ذا نكهة خاصة، إذ ليس هناك دواء كالأمل، ولا يوجد حافز أكبر وأقوى وأكثر تحفيزا من توقع أشياء أفضل في الغد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي