صندوق النقد وتنظيف الفوضى المالية «2 من 2»

أثناء الجائحة، عمل صندوق النقد الدولي على توسيع نطاق استخدام أداة التمويل السريع، وهي وسيلة إقراض لا تشترط على الدول الدخول في برنامج تعديل تام الإجراءات، وهذا ينطوي في الممارسة العملية على شروط قليلة أو لا شروط على الإطلاق. وبشكل أكثر وضوحا أقنع الصندوق أعضاءه بالموافقة على إصدار طارئ من حقوق السحب الخاصة "أصول الصندوق الاحتياطية" بقيمة 650 مليار دولار، التي لا تنطوي أيضا على أي شروط في الأساس. تعد حقوق السحب الخاصة مساعدات مباشرة تذهب إلى كل عضو في صندوق النقد الدولي، بما في ذلك روسيا وإيران. لكن نظرا للبنية الغامضة التي تتسم بها هذه الأداة، فلا تتلقى الاقتصادات النامية سوى جزء صغير فقط منها.
الواقع أن الحجج قوية لمصلحة إصلاح بنية صندوق النقد الدولي المالية والمنظمة الشقيقة له، البنك الدولي، حتى يتسنى للقسم الأعظم من التمويل الذي تقدمه المنظمتان أن يتخذ هيئة منح صريحة، وليس قروضا. كنت لعقود من الزمن أدعو إلى مثل هذا التحول، وأخيرا بدأت الفكرة تحظى باهتمام حقيقي. ولأن بنية صندوق النقد الدولي الحالية تجعله صندوقا دائرا متجددا، فسينضب معينه سريعا إذا تنازل عن كل القروض التي قدمها، كما تطالبه بعض المنظمات غير الحكومية دائما بأن يفعل. الطريقة الوحيدة التي من غير الممكن أن يحدث بها ذلك هي أن توافق الاقتصادات المتقدمة على تجديد تمويله، وهو ما يبدو من الواضح أنها تبغض القيام به.
يجب أن يكون أحد الشروط الأساسية عدم استخدام أموال صندوق النقد الدولي ببساطة لمجرد سداد مستحقات الدائنين من القطاع الخاص. لقد أثبت الباحثون بوضوح أن هذا حدث خلال ثمانينيات القرن الـ 20، ومرة أخرى في وقت أقرب إلى الزمن الحاضر. كما أن البنوك الصينية المملوكة للدولة التي تتقاضى أسعار فائدة في الأسواق الخاصة تمثل الآن عاملا يجب وضعه في الحسبان. ولا بد أن تتوافر سبل لضمان عدم ذهاب قروض صندوق النقد الدولي لسداد القروض الصينية.
لا يخلو الأمر من أوجه تشابه مذهلة بين صندوق النقد الدولي حسن النية وبنك الاحتياطي الفيدرالي حسن النية أيضا الذي يريد الآن تعزيز قدر أعظم من المساواة. فبعد طول جدال بأن التضخم المتزايد بشكل حاد مجرد حالة مؤقتة، يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن معضلة. فما لم يعمل على إحكام السياسة النقدية بالقدر الكافي خلال العام المقبل، وهذه مجازفة أكبر كثيرا مما تعترف به التصريحات الرسمية، فقد يصبح التضخم راسخا. فإذا أحكم سياسته النقدية بسرعة أكبر مما ينبغي فسيحدث الركود. ويظل الركود التضخمي أيضا يشكل احتمالا حقيقيا.
بالمثل، يحتاج صندوق النقد الدولي إلى التركيز على وظائفه الرقابية الأساسية. صحيح أن المحنة الأليمة التي تعيشها الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تستلزم قدرا عظيما من التعاطف، لكن صندوق النقد الدولي ليس البنك الدولي، الذي يعد بالفعل هيئة معونة. بدلا من ذلك، تشكل المشروطية القوية من قبل صندوق النقد الدولي ضرورة أساسية لترسيخ الاستقرار المالي وضمان عدم استخدام موارده في النهاية لتمويل هروب رأس المال، أو سداد مستحقات الدائنين الأجانب، أو لمصلحة الفساد المحلي. إن الجائحة باقية وكذا يجب أن يبقى صندوق النقد الدولي التقليدي.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي