الوطن السعودي الكبير في 22 فبراير
من نعم الله - سبحانه وتعالى - على المواطن السعودي أن جعله من مواطني هذا البلد الأمين، ومكن الوطن بأن ينعم بالأمن، والاستقرار، والرخاء. ونلاحظ ونحن نتابع الإنجازات التي يحققها وطننا الغالي بأن المملكة تسجل في كل ساحة وبارحة مزيدا من مشاريع الخير، والنماء، والتقدم، وما زالت رؤية المملكة 2030 تتدفق على كل أراضي المملكة وتثريها بناء ونماء وتطويرا.
في الأسبوع الماضي، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمرا ملكيا، باعتماد 22 شباط (فبراير) من كل عام إجازة رسمية؛ للاحتفاء بتأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس).
في هذا اليوم من كل عام ستغمر أفئدة السعوديين مشاعر العزة والكرامة والشموخ في كل مرة تهل عليهم ذكرى تأسيس دولتهم أو توحيدها؛ ليقينهم أن ملاحم أجدادهم العظيمة وسيرة دولتهم الخالدة قامت بسواعد فرسانها وقادتهم دون منة من أحد أو فضل لغير الله - سبحانه وتعالى - الذي قيض لهذه الأرض أئمة وملوكا أسسوا هذا الوطن العظيم الغني بعراقته ومكانته ووحدته وشموخه.
وتاريخيا يرمز (يوم التأسيس) إلى تأسيس الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود - طيب الله ثراه - في منتصف 1139هـ؛ الموافق لشباط (فبراير) من 1727، والدولة السعودية الأولى هي النواة الأولى لهذا الكيان الخالد، في مبادرة لتأكيد رسوخ هذا الوطن العظيم في عمق تاريخنا الخالد منذ ثلاثة قرون، حيث انطلق الإمام محمد بن سعود - طيب الله ثراه - من الدرعية في رحلة بناء دولة المدينة، ثم بناء الدولة الإقليمية العصرية التي تتطلع إلى بلوغ أعلى درجات الأمن والاستقرار والاستقلال. كانت الحالة السياسية في نجد قبل حكم الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - مضطربة في جميع أنحاء ومناطق نجد التي كانت تعاني التشرذم، والتمزق، وغياب الاستقرار والأمن، مع انتشار الفتن في كل مكان من مضارب نجد.
وفي ضوء تلك الاضطرابات كان الإمام محمد بن سعود؛ يتصف بالحكمة، وبعد النظر، ويتمتع برؤية ثاقبة، يراقب الأوضاع السياسية المحيطة به ويتابعها بكثير من الحكمة، وكان يدرك أن الموقف يقتضي ضرورة التفكير في بناء دولة على أسس عصرية تتناسب مع الظروف القائمة بعيدا عن دولة المدينة التي لا تستطيع أن تحمي حدودها من الطامعين المتربصين بها، وكان أهم الأسس التي ارتكزت عليها هذه الدولة هو الاستقلال السياسي بعيدا عن سياسة المحاور والتبعية. ولذلك تمتعت الدولة السعودية الأولى باستقلال سياسي تام، ولم ترهن مقدراتها لأي قوة خارجية أو نفوذ أجنبي، وكان الإمام محمد بن سعود يتابع الأوضاع في الدرعية باهتمام كبير، فتم - بفضل الله - ثم بفضل عبقريته، الانتقال من دولة المدينة في الدرعية إلى الدولة التي تتمتع بقوة عسكرية واستقلال اقتصادي يؤمنها أمام أطماع القوى الخارجية الطامعة. لقد كانت الدولة السعودية الأولى من أهم الدول في المنطقة، وكانت تتمتع بكثير من مزايا الدولة العصرية المستقلة.
وفي احتفالاتنا السنوية بـ (يوم التأسيس) يجب علينا جميعا أن نتذكر تضحيات الآباء والأجداد، وما بذلوه من جهد وعناء طوال ثلاثة قرون حتى تمكنوا من بناء وطن أغر يمتد تاريخه من 1727 إلى ما شاء الله تعالى. ومزيد من الإيضاح، فإن ما يفصل بين الدولة السعودية الأولى والثانية سبعة أعوام، بينما قامت المملكة العربية السعودية الفتية بعد عشرة أعوام فقط من انتهاء الدولة السعودية الثانية.
ويتمثل في قيام المملكة العربية السعودية وحدة أبناء الجزيرة العربية في تاريخها الحديث بعد أن عانت منطقة شبه الجزيرة العربية لعقود طويلة كثيرا من ويلات الفرقة، والتمزق، والتشرذم، وغياب الأمن. ويجيء الإعلان عن ذكرى (يوم التأسيس) تجسيدا لقيمة رفيعة عند المجتمع السعودي تتمثل في اهتمامه بتاريخ الدولة التي تعد امتدادا أصيلا لحاضرها ومستقبلها، وامتدادا أصيلا لحرص واهتمام قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بحتمية الحفاظ على التاريخ السعودي بخاصة، وتاريخ الجزيرة العربية بصورة عامة.
إن (يوم التأسيس) مناسبة وطنية تتطلب من كل مواطن أن يتوقف عندها، وأن يراجع تاريخ الوطن، وأن يلتقط من التاريخ الدروس والعبر، وأن يجدد الرغبة في مزيد من العمل والأداء الجيد بغية المساهمة بجهد وافر في عمليات البناء والتنمية.