مواجهة العنصرية
تملك العنصرية طاقات مغرية في كل المجتمعات. هي تتوكأ على سحر الكلمات التي تنغمس في ثقافة المكان. لا فرق هنا بين أمريكي أو أوروبي أو عربي. لكن القوانين والأنظمة حتى الأعراف والتقاليد، تجعل ممارسة الفعل العنصري يأخذ غطاء لا يمنعه، ولكنه يجعله أقل حدة.
هناك مهيجات كثيرة للعنصرية، معظمها يتم تصنيعه عبر تحويل رفض التصرفات العنصرية الفردية إلى رأي جمعي يمتد ليجذب شرائح أكبر، مع توسيع دائرة الرفض بتوسيع دائرة الإدانة لتغطي مجتمعات بأكملها. هنا تبدأ عملية تشكيل الصورة النمطية حول هذا المجتمع أو ذاك. وأحيانا يتم ذلك بشكل عمدي من جهات معادية.
وتزداد خطورة العنصرية، مع اختلاطها بمفاهيم وقيم نبيلة، أو احتياجات مجتمعية. من هنا يمكن النظر إلى ما شهدته تركيا ـ على سبيل المثال ـ ضد السوريين في تركيا، باعتباره نموذجا لمخرجات العنصرية، حيث شهدت إسطنبول عمليات اعتداء على الأفراد والممتلكات بدعوى أنهم يزاحمون الأتراك على أرزاقهم. ومثل هذا الأمر ظهر في لبنان أيضا ضد السوريين.
استدعاء هذين النموذجين الهدف منه الرد على طروحات جائرة تحاول تكريس فكرة مغلوطة مفادها أن العنصرية مرتبطة بمجتمعات الخليج العربي. لكن واقع الحال أن الظاهرة أقل حدة من مجتمعات أخرى. ولم يحدث في أي دولة خليجية أن أسفرت السلوكيات الفردية الخاطئة عن اعتداءات جماعية مثلما حصل في تركيا أو سواها. لقد أوجدت منصات التواصل الاجتماعي محاضن للجدل الإيجابي والسلبي. كما أنها أظهرت بما لا يدع مجالا للشك كيف يجور بعض العرب على المملكة وبقية دول الخليج. وبالتالي فإن وصم مجتمع ما بأنه عنصري بأكمله، مسألة غير دقيقة. وقد تكرست العنصرية الرقمية عبر وسائل التواصل بكل اللهجات العربية بالقدر نفسه لظهورها باللغات الإنسانية الأخرى. إن الدول المتحضرة والفاعلة ومن ضمنها المملكة لديها مسطرة واحدة في التعامل مع التجاوزات الخاطئة، والتصدي لأي طروحات تهدد السلام الاجتماعي.