التحول الرقمي .. أداة التنمية الشاملة
سجل مشروع التحول الرقمي في المملكة تقدما ملحوظا باعتراف المؤسسات الدولية حتى أصبح المشروع الرقمي في المملكة واحدا من أنجح المشاريع التي حققتها الدول وهي في طريقها إلى تنفيذ مشاريعها التنموية الشاملة، بمعنى أن المشروع الرقمي في المملكة يعد حجر الأساس في رؤية السعودية 2030، بل حتى على صعيد الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص، فقد اتســعت رقعة اســتخدام الحاسب الآلي لدى الأفراد ومؤسساتهم الفردية، واتســع معها اســتخدام الحاسب الآلي في علاقات الأفراد مع البنوك ومع المؤسسات الحكومية، وانخفض عدد مراجعي المؤسسات الحكومية، والبنوك، والجامعات مع انتشار الثقافة الرقمية في كل طبقات المجتمع، ناهيك عن استخدام الأجهزة اللوحية على نطاق واسع في المدارس، وفي أيدي الطلاب داخل المدارس وخارجها.
ونستطيع القول إن شــخصية المواطن الرقمي السعودي بدأت تظهر بشكل واضح في الشارع السعودي، وما نقصده بالمواطن الرقمي هو المواطن الذي يسـتطيع أن يســتخدم ويتعامل مع الخدمات الإلكترونية المتوافرة له بكفاءة وسهولة، بمعنى أن المواطن الرقمي هو المواطن الذي ســيعتمد بشكل فاعل على تقنية المعلومات لإنجاز معاملاته بكفاءة أكبر وجودة أعلى من خلال مكتبه أو منزله، أو من خلال معاملاته التي يضطلع بها شخصيا. من ناحيتها، فإن المؤسسات الحكومية المسؤولة عن نشر مشروع التحول الرقمي بدأت تفرض سيطرتها على جميع مناحي الحياة حتى تضبط عمليات قطار الحكومة الإلكترونية التي حققت معدلات مذهلة على طريق نشر المعرفة الرقمية في كل أوصال المجتمع ومؤسساته الحكومية والخاصة.
إن معظم المؤسسات الحكومية - إن لم تكن جميعها - قد دخلت في استخدام التطبيقات الإلكترونية، ونذكر - على سبيل المثال - أن وزارة العدل نجحت نجاحا باهرا في طرح مجموعة من التطبيقات التي جعلت المواطن السعودي يحصل على حقوقه العدلية بسرعة فائقة، كذلك فإن وزارة العدل نجحت في كثير من ميادين المرافعات القضائية والحقوقية، وكذلك في ميادين العقار والأحوال الشخصية، إلى غير ذلك من القضايا العدلية التي كانت تنهك أصحابها، وتؤرق حياتهم، وكذلك وزارة الشؤون البلدية والقروية التي باتت اليوم من الوزارات صاحبة الحلول الرقمية العاجلة والعادلة. وكذلك من الوزارات التي نجحت في رقمنة كثير من إجراءاتها وزارات التعليم، الخارجية، الموارد البشرية، ناهيك عن وزارة الداخلية - رغم أعمالها وعلاقاتها المتشابكة مع مستويات مختلفة من الجمهور - فإنها اســتطاعت أن تحقق تقدما مذهلا في التعاطي مع أعمال الحكومة الإلكترونية، فكثير من البيانات تنفذ وتســدد رســومها من قبل الجمهور في المنازل إلكترونيا، كذلك فإن بطاقات الأحوال المدنية الجديدة، ورخص السياقة، ونمر المركبات والعربات، وجوازات السفر، حتى الإقامات، وأخيرا وليس آخرا فقد اســتكملت وزارة الداخلية تطبيق نظام البصمة إلكترونيا حتى تتمكن من ضبط حدودنا أمنيا ضد قوى الإجرام والتهريب والخارجين على القانون وتجار السلاح والتأشيرات المزورة.
كذلك فإن برامج الجامعات السعودية تشير إلى التطوير الحقيقي الذي طرأ في أداء الجامعات السعودية، حيث إن تلقين الدروس النظرية للطلاب لم يعد هدفا رئيسا للجامعات، بل إن دور الجامعات أصبح يتمثل في إعادة هيكلة وتأهيل المجتمع للدخول في عصر المعرفة، كما أن مراكز البحوث المستقلة والتابعة للجامعات باتت تضع البرامج والمشاريع الهادفة إلى نقل وتوطين التقنية للحاق باقتصاد المعرفة الذي أصبح مصدرا مهما من مصادر الدخل الوطني، وهو الهدف الاستراتيجي الذي تسعى إلى تحقيقه رؤية السعودية 2030.
إن انتشار المعرفة الرقمية سـيفرز المواطن الرقمي في كل المواقع بكفاءة عالية تدفع المجتمع السعودي إلى مزيد من التقدم باتجاه اقتصاد المعرفة. وإذا تتبعنا أنشطة الجامعات السعودية نجد أن الجامعات السعودية وضعت في صميم برامجها التعليمية ونشاطاتها مسؤولية إحداث النقلة المعرفية والتكنولوجية في فكر وعقل المجتمع، صحيح أن جامعة الملك عبدالله للتقنية ســتكون منارة لعلوم التقنية بحكم التخصص وقوة التخطيط، إلا أن الجامعات السعودية جميعها أصبحت لها توجهات ذكية ورقمية، وأيضا أصبحت لها منهجية واضحة نحو مسؤولية بناء مجتمع المعرفة السعودي.
عموما، نستطيع القول إن تكنولوجيا المعلومات تلعب دورا كبيرا في تسريع، وتسهيل، وتنظيم حياتنا التي أضحت تدار من خلال أجهزة تقنية المعلومات.
وما نود أن نؤكده هو أن الفجوة المعرفية بين الشرق والغرب بدأت تضيق بشكل واضح، فقد ارتفعت مكانة كثير من الدول الآسيوية في سماء تكنولوجيا المعرفة، ودول مثل: المملكة العربية السعودية، والهند، والصين، وماليزيا، وسنغافورة، وكوريا حققت وتحقق تقدما صارخا في هذه المجالات الرقمية التي أصبحت العنوان المهم في مجالات التنمية والتطوير.