دمعة آلة
هل شاهدت روبوتا يتعاطف معك؟ بمعنى آخر، هل سبق أن قابلت آلة تبكي وتضحك وتحزن وتتثاءب؟ أو تراها تربت على كتفك، تشاطرك المشاعر، تتهلل دموعها لفقد حبيب لك، أو تطير فرحا بحصولك على شهادة تفوق؟.
كان هذا فيما مضى تحديا يقف أمام العلماء في منح الآلة المشاعر ذاتها التي لدى الإنسان، لكن ما كان مستحيلا بالأمس صار ممكنا اليوم، والأكثر إثارة من إمكانية ذلك، أن هذا التقدم العلمي العظيم جاء من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، التي تسمى اختصارا "كاوست".
فقبل أيام عدة، نشرت جامعة كاوست تقريرا استثنائيا في غاية الأهمية، "لم يركز كثيرا إعلامنا على هذا الخبر"، بأن العلماء في الجامعة ابتكروا رقاقات بإمكانها محاكاة تلك المتوافرة في الدماغ البشري وأسرع بنحو 20 مرة، وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة بمعدل 200 مرة من منصات الشبكات العصبية الأخرى.
يعد الابتكار بوابة مهمة نحو تقديم حلول جديدة لتحقيق أعلى معدلات السرعة والكفاءة للذكاء الاصطناعي عبر تحميل الشبكة العصبية التي تحاكي بيولوجيا الدماغ البشري على شريحة ميكروية، كما نشرت ذلك الجامعة عبر صفحتها في شبكة الإنترنت.
لن تملك هذه الرقائق ــ على الأقل في هذه المرحلة ــ القدرة على التفوق على الشبكات العصبية التي يتميز بها البشر حاليا، لكن باستطاعتها لاحقا تطوير نفسها بذات الكفاءة التي تحققها الشبكات الميكروبية الحالية التي تتكون منها أدمغتنا بالفعل.
إن التطورات العظيمة التي تقدمها تقنيات الذكاء الاصطناعي تتزامن مع حدوث ثورة في عالم التطبيقات الجديدة عبر عدة مجالات، تشمل على سبيل المثال لا الحصر: الأتمتة المتقدمة، واستخراج البيانات وترجمتها، والرعاية الصحية والتسويق. كما تعتمد هذه الأنظمة على شبكة عصبية اصطناعية حسابية ANN تتركب من عقد مكونة من عدة طبقات، تعمل على تحسين عمليات اتخاذ القرارات. إن معظم التحديات التي تواجه العلماء من قبل تجد طريقها للحل في الزمن المعاصر الذي يمثل حجم الاختراعات فيه أكثر من أي وقت مضى، خصوصا ما يتصل بتلك الأنظمة التي تحاكي الدماغ البشري، وتحسين رقاقات قادرة على تحويل الآلة إلى كومة ممتلئة بالمشاعر والأحاسيس لدرجة أنك قد ترى دمعة منسالة على كتف الآلة الحديدية، ومن يدري قد نرى ذلك قريبا.