تحديث حقائب الجامعات .. ومواكبة التنمية

‏تتسابق الأمم في نهضتها بالاعتماد على العلم والمعرفة وتقنياتها بل الأمة التي ليس لها حظ وافر في العلم أمة ضعيفة، فمخرجات العلوم للأمم الأخرى من صناعاتها ومنتجاتها وتقنياتها وعمليات الإنتاج تتطلب وتعتمد على الأسس العلمية وتسخير الموارد الطبيعية والبيئية والمعارف وتحويلها إلى منتجات أساسية وثانوية وتحويلية هي محور التجارة والحضارة التي تتميز بها المجتمعات والدول الصناعية وتنعم بها شعوبها من التقدم والنهضة والرقي وتبعد عنهم شبح العوز والفاقة والجهل والتخلف والاعتماد على الآخرين.
‏نلاحظ أن بعض الكليات والأقسام العلمية في الجامعات السعودية تعاني ضعف الإقبال عليها من الطلاب الجدد مثل علوم البحار وأقسام الكيمياء والأحياء سواء الحيوانية أو النباتية وقسم الفيزياء والكيمياء الحيوية والجيولوجيا والفلك وغيرها من الأقسام العلمية البحتة pure sciences هذه الأقسام التي تفسر كل الظواهر العلمية للكون بكل توسع وتحليل وتبين الأسس التي ترتكز عليها هذه العلوم في جوانب متعددة بين العلم التقني والمجال التطبيقي في الحياة وتقدم للصناعة ومرافق الإنتاج مخرجات علمية قادرة على الانخراط في عمليات الإنتاج على أسس علمية راسخة بل تسخر هذه الظواهر والموارد الطبيعية وتحويلها إلى منتجات وخدمات لا تستغني عنها البشرية في حياتها الحاضرة.
‏إن قلة إقبال الطلاب على هذه الأقسام ظاهرة يهددها بالضعف والتراجع وربما الإغلاق ولا تدل على ما تشهده الأمة والأمم الأخرى من السباق في النهضة العلمية المؤدية إلى التطور والرقي والرفاهية. وبالبحث والتقصي لهذه الظاهرة يتبين أن أهم أسباب عزوف الطلاب عن الإقبال على هذه الأقسام مرده قلة الوظائف التي يتيحها القطاعان العام والخاص لمخرجات هذه الأقسام العلمية المهمة وربما هناك خلل في تصنيف الوظائف من لدن الجهات المعنية بالموارد البشرية في القطاعين العام والخاص أدى لهذه النتائج.
فالطالب اليوم لم يعد كطالب الأمس حيث الإقبال على التعلم في كل الكليات والتخصصات بغض النظر عن المستقبل الوظيفي آنذاك لأن المملكة كانت في حاجة كبيرة إلى شغل واستيعاب كل مخرجات التعليم العالي، أما في الوقت الحاضر فأصبح طالب اليوم يبحث عن المستقبل الوظيفي قبل الدخول في الكلية أو القسم ولا شك أن هذا مطلوب ويدل على وعي مسبق لدى الطالب.
إن هذا الخلل في تصنيف الوظائف يتطلب إعادة النظر والتنسيق مع المختصين في هذه الكليات والأقسام لتصنيف أكثر مناسبة من مسميات هذه الوظائف لاستيعاب خريجي هذه الكليات والأقسام من جهة وعلى هذه الكليات والأقسام كذلك مراجعة الحقائب التعليمية بها وتحديثها بما يشهده العالم من تطور في المناهج وبما تتطلبه التنمية من مخرجات لتشمل هذه الحقائب مناهج تخدم الجوانب العلمية والتطبيقية معا وأن تقدم هذه الكليات والأقسام برامج أخرى عدا درجات الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس مثل دبلومات قصيرة ومتوسطة المدى تلبي احتياج سوق العمل وتستقطب طلابا لديهم رغبة ومقدرة أقل من الدرجات العلمية العليا وكي تتعدد منتجات هذه الكليات والأقسام.
لدينا في المملكة طبيعة خلابة وتضاريس متعددة وموارد متجددة وغير متجددة وبيئات تشمل البحار والغابات والصحاري وأحياء نباتية وحيوانية وغيرها، ما تمثل موائل للدراسة والبحث العلمي وخدمتها على نحو وغرار ما تقوم به الدول المتقدمة علميا لتسخير كل هذه الموارد لنهضتها ورقيها واستدامة مواردها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي