الثورة الرقمية والشمول المالي العالمي «2 من 2»
يمكن أن تساعد الحكومات والقطاع الخاص في تعزيز هذا التحول في عديد من المجالات البالغة الأهمية. أولا، يتعين عليهم إيجاد بيئة تشغيل وسياسة مواتية. على سبيل المثال، يتيح تمكين قابلية التشغيل البيني للأنظمة المدفوعات عبر أنواع مختلفة من المؤسسات المالية وبين مقدمي خدمات الأموال المتنقلة. يعتمد تحسين القدرة على الوصول إلى التمويل على نظام الهاتف المحمول أكثر من النظام المصرفي المادي. تعد الهواتف المحمولة الرخيصة والوظيفية والوصول إلى الإنترنت بأسعار معقولة من الشروط الأساسية لتوسيع التمويل الرقمي. هناك حاجة أيضا إلى حماية المستهلك ووضع لوائح مستقرة لتعزيز الممارسات الآمنة والعادلة التي تعزز الثقة بالنظام المالي.
يعد إنشاء أنظمة تحديد الهوية الرقمية أمرا ضروريا أيضا، لأن عدم وجود هوية قابلة للتحقق هو أحد الأسباب الرئيسة لاستبعاد بعض البالغين من الخدمات المالية. نحن نعلم انطلاقا من تجارب بلدان مثل الهند والفلبين أن برامج تحديد الهوية الحكومية وبرامج الشمول المالي يمكن أن تعمل جنبا إلى جنب لتزويد السكان الذين يصعب الوصول إليهم بوثائق رسمية لتحديد الهوية والحسابات المالية. فقد كانت الهند، على سبيل المثال، رائدة في إنشاء نظام عالمي ناجح لتحديد الهوية باستخدام القياسات الحيوية، ما يدعم الاهتمام بالسلامة والخصوصية.
ينبغي أن تكون هناك أولوية قصوى أخرى تتمثل في تعزيز رقمنة المدفوعات. تظهر بيانات المؤشر العالمي للشمول المالي لعام 2021 أن 865 مليون مالك حساب في الاقتصادات النامية فتحوا أول حساب لهم في أحد البنوك أو المؤسسات المماثلة من أجل تلقي الأموال من الحكومة. وقد ساعد ذلك الأسر المعيشية بشكل مباشر وساعد أيضا في بناء النظام البيئي المالي الرقمي، لأن الأشخاص الذين تلقوا المدفوعات في الحساب كانوا أكثر ميلا لاستخدام حسابهم لتسديد المدفوعات والوصول إلى الخدمات الأخرى. وبالتالي، فإن المدفوعات الرقمية من قبل الحكومات تشكل أساسا لتجميع سجلات اجتماعية موثوقة وتحديد الثغرات والتداخلات.
وفي حين أصبحت أنظمة الدفع الرقمية أكثر انتشارا وأقل تكلفة، فإن عديدا من الشركات الخاصة ستكون قادرة على دفع رواتب عمالها ومورديها إلكترونيا- وينبغي أن تفعل ذلك. وتوفر الثورة الرقمية فرصة لزيادة معدل التوظيف في القطاع الرسمي دون جعل الالتزام مرهقا للغاية. وفي وقت يتسم بتشديد قيود الميزانية الحكومية، يمكن للمدفوعات الرقمية أن تساعد على توسيع قاعدة الإيرادات عن طريق الحد من التهرب الضريبي.
وأخيرا، سيحتاج صناع السياسات إلى بذل جهود إضافية لإدراج الفئات المحرومة وغير المزودة بخدمات كافية. تم تضييق الفجوة بين الجنسين في الحصول على الخدمات المالية، لكنها لا تزال قائمة. إن النساء، إلى جانب الفقراء، هن أكثر ميلا إلى الافتقار إلى أي شكل من أشكال الهوية الشخصية أو الهاتف المحمول، أو العيش بعيدا عن فرع البنك، أو الحاجة إلى الدعم لفتح واستخدام حساب مالي، تعد برامج التثقيف المالي، خاصة تلك التي تتضمن التعلم من الأقران "من خلال مجموعات المساعدة الذاتية للنساء مثلا" ضرورية أيضا.
يلتزم البنك الدولي بشدة بتوسيع نطاق الشمول المالي من خلال الرقمنة. سنعمل باستمرار على دعم البلدان في سعيها إلى تعزيز شبكات الهاتف المحمول، وإعادة صياغة القواعد التنظيمية لتعزيز الوصول إلى التمويل، وتبني منصات الحكومة الإلكترونية، وتحديث أنظمة الحماية الاجتماعية. بالنسبة للملايين من الأشخاص، الذين لا يزالون يفتقرون إلى حساب مصرفي، يتعين علينا مضاعفة جهودنا وإيجاد طرق مبتكرة لربطهم بالنظام المالي، وبناء المرونة الاقتصادية، وجني فوائد الإدماج.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.