بين «كوينسي» و«بوينج» بايدن
بين كوينسي وهي السفينة التي جمعت المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في الـ 14 من شباط (فبراير) 1945، وبين بوينج بايدن وهي الطائرة الرئاسية الأمريكية التي حطت رحالها الأسبوع الماضي في جدة قصة جذورها تمتد لما يزيد على ثمانية عقود، تخللها عديد من المواقف والتحديات لكنها تتفق على الاستمرار في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين.
مضى كثير من المحللين والمراقبين نحو التركيز على الجوانب السياسية للزيارة وإن كان لها الاعتبار، فإن هناك جوانب لم تأخذ حيزها الكافي من التحليل وأركز هنا على ما حملته مضامين بيان جدة حول قضايا التكنولوجيا وتحديدا توقيع مذكرة تعاون جديدة تربط شركات التكنولوجيا في كل من المملكة والولايات المتحدة، وذلك لتعزيز تطبيق تقنية الجيل الخامس G5 باستخدام شبكات الراديو المفتوحة، وتمكين تطوير الجيل السادس G6 عبر تقنيات مشابهة، وتعزيز الشراكة في مجال البنية التحتية السحابية والتقنيات ذات الصلة.
هذه المذكرة المهمة ستضع المملكة في مكانة متقدمة في حاضنات الجيل السادس الآخذة في البروز والتأثير بنهاية 2030، وتؤكد مذكرة التفاهم موقع المملكة القيادي كحاضنة إقليمية لتطبيق تقنيات الجيل الخامس G5 والتطورات المتعلقة بتقنيات الجيل السادس G6 وهي تقنية المستقبل.
إن موافقة المملكة على الاستثمار في تكنولوجيا الجيلين الخامس والسادس يهدف إلى المساعدة على تطوير مثل هذه الأنظمة الآمنة والموثوقة في جميع أنحاء العالم وتسهم في إحداث توازن تقني عالمي للتعاون التكنولوجي بين الدول المتقدمة في هذا المجال، والتعاون في تطوير وتطبيق شبكة "الجيل الخامس" بهدف وصولها إلى كل أنحاء العالم، مع تطبيق مبدأ المنافسة العادلة.
التطور التقني يحتاج إلى أرضية صلبة يتكئ عليها أو بتعبير آخر مناطق اقتصادية مزدهرة وهو ما ترجمه قرار خروج القوة متعددة الجنسيات من "جزيرة ثيران"، وتطبيق التزام اتفاقية شيكاغو حول عدم التمييز بين الطائرات المدنية المستخدمة، ما يعزز التواصل الجوي العالمي واستثمار المساحات المترامية الأطراف للحصول على الحصة المستحقة من سوق النقل الجوي.
إن ما بين "كوينسي" و"بوينج" بايدن قصة جديرة بالاهتمام لعلاقات الدول المبنية على المصالح المشتركة ومستوى العلاقة الذي يحدده مستوى تطور ومكانة الدولتين.