منظور القيادة في مواجهة الأزمات «1من 3»
يواجه العالم أزمات خطيرة توجه ضرباتها العنيفة إلى الدول النامية، وتلحق الضرر بالفئات الفقيرة والأكثر احتياجا، وتزيد من تفاقم انعدام المساواة على مستوى العالم. فقد تسبب ارتفاع معدلات التضخم، والحرب في أوكرانيا، والاختلالات الاقتصادية الكلية الكبيرة، وأوضاع نقص الطاقة والأسمدة والغذاء في حدوث أسوأ هبوط اقتصادي عالمي نشهده على مدى 80 عاما، ليفاقم من الزيادة الكبيرة في عدد الوفيات، وعمليات الإغلاق الاقتصادي، وإغلاق المدارس التي حدثت من جراء تفشي جائحة كورونا كوفيد - 19. وتواجه الدول منخفضة ومتوسطة الدخل اليوم ارتفاعا حادا في أسعار الغاز الطبيعي والأسمدة وأسوأ أزمة غذائية على مدى عقد من الزمن. ويأتي هذا في وقت تسعى فيه إلى إحراز تقدم في تلبية احتياجات التنمية على المدى الطويل ـ بما في ذلك توفير المياه النظيفة، وإتاحة الحصول على إمدادات الكهرباء، وتحسين مهارات القراءة، وتهيئة بنية تحتية جيدة، ودعم الاستثمارات ذات الصلة بالمناخ.
وفي خضم الجهود العالمية للتخفيف من حدة الفقر والارتقاء بمستويات المعيشة، من المرجح أن يكون 2022 أحد أسوأ الأعوام على مدى عقود، حيث واصل وسيط الدخل الحقيقي تراجعه في عديد من الدول، وانتكست جهود التنمية على نحو مأساوي أثناء تفشي الجائحة. وسلط تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر في حزيران (يونيو) الضوء على المخاطر التي ينطوي عليها الركود الاقتصادي، المقترن بالتضخم والأضرار التي تلحق بالفقراء خصوصا. ويشكل انعدام المساواة أحد أكبر العوامل المزعزعة للاستقرار، وذلك في ضوء استئثار الدول مرتفعة الدخل بشكل أساسي برؤوس الأموال والدخول العالمية بفضل الخيارات التي تتخذها بشأن سياساتها المالية والنقدية والتنظيمية. ومن المتوقع أن تشهد الأعوام المقبلة تفاقم حالة انعدام المساواة، ما يجعل أهداف التنمية بعيدة المنال لكثيرين. تواجه مجموعة البنك الدولي هذه التحديات بما يستلزمه ذلك من سرعة التحرك، ووضوحه، ونطاقه وتأثيره، حيث التزمنا بتنفيذ زيادتين كبيرتين متتاليتين في التمويل، والعمل التحليلي، وحشد المساندة والتأييد، وتقديم المشورة المتعلقة بالسياسات لمساندة الناس، والمحافظة على الوظائف، واستعادة القدرة على تحقيق النمو. في البداية، قدمنا 150 مليار دولار لمواجهة جائحة كورونا، واليوم، نقدم 170 مليار دولار على مدار 15 شهرا لمواجهة أزمة الغذاء، وأيضا الحرب في أوكرانيا وآثارها غير المباشرة. ومنذ بداية الجائحة حتى العام المالي 2022، قدمت مجموعة البنك الدولي أكثر من 14 مليار دولار لمساعدة ما يربو على 100 بلد على التصدي للآثار الصحية لجائحة كورونا وتوفير اللقاحات لشعوبها.
في العام المالي 2022، ارتبط البنك الدولي للإنشاء والتعمير بتقديم 33.1 مليار دولار، تتضمن مساندة لأكثر من 45 بلدا متوسط الدخل. ويشمل ذلك تقديم 300 مليون دولار لمساعدة تركيا على زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص في مجال الطاقة الحرارية الأرضية. وارتبطت المؤسسة الدولية للتنمية بتقديم 37.7 مليار دولار في شكل منح وقروض ميسرة للغاية لأكثر من 70 بلدا، بما في ذلك 645 مليون دولار لمساندة قدرة النظام الغذائي على الصمود، والاستجابة لحالات الطوارئ في بوركينا فاسو والكاميرون ومالي وموريتانيا والنيجر وتوجو. ورحبت بموافقة شركاء المؤسسة الدولية للتنمية في كانون الأول (ديسمبر) 2021 على تنفيذ العملية الـ20 لتجديد موارد المؤسسة قبل موعدها بعام... يتبع.