الأثرياء لا يرتاحون
فلسفة الوقت المستقطع واستراحة ما بين العملين عميقة المبنى عظيمة المعنى، وهو إما وقود ينشط وإما هدوء يثبط، ولاستقطاع الوقت لذة لا يجدها البليد، لأن وقته كله مستقطع ومنقطع فلا نشاط يجدد ولا روتين يكسر.
طبيعة الإنسان وتكويناته غير قادرة على الاستمرار على طريقة واحدة والتوقف قانون عظيم تظهر أهميته من خلال نتائجه وصوره، فعلى المستوى الجسدي التوقف لأجل التغيير تبديل الأدمة وتجديد الأظافر والشعر، وعلى مستوى المؤسسات المدنية والنظم البشرية بحاجة إلى التوقف، ويسمى في العرف الإداري التخطيط، وهو حالة ذهنية تمنح مساحة وقتية لإعادة تشكيل الأولويات والأهداف للانطلاق مجددا نحو آفاق أكثر اتساعا ورحابة وفرصا.
إن التحوط هنا عن التوقف الطويل، الذي يجتر معه الكسل ثم الترك وبعد ذلك إلى نتائج سلبية ولا يتأتى التوقف الصحيح إلا بالتخطيط، كما هي الحال في حالات التوقف لكرة السلة واستراحة ما بين الشوطين لكرة القدم، والهدف منها إعادة تجديد النشاط، وقد بدأ علماء الإدارة في التأليف والدفع باتجاه التخطيط لكل شيء حتى للراحة، وهي استراتيجية تستهدف مزج خليط الراحة والتعب، وهما متعاكسان يتباينان، وكما قيل بالأضداد تتمايز الأشياء، فلن يدرك الصحة أكثر من المريض، ولن يقدر السمع مثل الأصم.
التوقف استراتيجية تسويقية تطبق في الإعلانات وشاشات السينما بغرض إعادة تشغيل التركيز والاهتمام، وهي فرصة مواتية لتعديل الخطط وكتابة خريطة الأهداف الشخصية، التي تحتاج إلى التحديث ليس بين فينة وأخرى، بل شهريا فحتى الخطط الاستراتيجية التي على مستوى الشركات تحتاج لزاما لوضع خطط نصف سنوية، والسؤال الذي يتبادر للذهن الآن، وأنت تقرأ هذه المقالة، هل أنت في وقت مستقطع؟ وهل يقع هذا الوقت ضمن خططك الشخصية؟ فمن غير المحمود أن يتحول الوقت المستقطع إلى الوقت الضائع، الذي يحمل كثيرا من الضغط والقليل من الفرص، ولنرى استراتيجية الأثرياء الذين لا يرتاحون بالمعنى السطحي، بل يكتسب قيمته وأهميته من التخطيط لكل شيء حتى للراحة هو يخطط لها مسبقا لأنه يتوقع أن يشعر بسعادة الإنجاز.