جمال الاستغفار

خلق الله الإنسان مجبولا على الخطأ. "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". ومن هنا جاءت أهمية الاستغفار وهو طلب المغفرة والسماح من الله تعالى عن كل ذنب أو خطيئة. وقد ورد الحث عليه في آيات وأحاديث كثيرة. يقول الحق سبحانه، "واستغفروا الله إن الله كان غفورا رحيما"، بل إن من أهميته وعظم قدره أن أمر الله الملائكة أن تستغفر للمؤمنين، "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ... الآية". الاستغفار أمره عجيب فهو ليس مجرد صيغة أو كلمات تقال، بل إنه أكبر من ذلك بكثير وله فوائد جمة يصعب حصرها، ولو لم يكن منه إلا أنه يمحو الذنوب والخطايا لكفى، بجانب أنه من أفضل الوسائل لانشراح الصدر وإزالة الهم وتفريج الكربات التي تعرض للإنسان في مشوار حياته، ما يرفع من طاقة النفس الإيجابية ويحسن المعاناة النفسية التي تلعب دورا في التعب والإرهاق الجسدي. يقول الحق سبحانه، "وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا ... الآية". وفي آية أخرى يتضح دور الاستغفار في زيادة قوة الإنسان ونشاطه، يقول الحق سبحانه على لسان هود عليه السلام، "ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم. الآية".
ومن الواضح هنا الربط بين الاستغفار والتوبة وهو أمر يتكرر كثيرا فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح، والنتيجة زيادة القوة بمعناها الواسع. في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال، "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب".
ومن لطائف ما ذكر عن الاستغفار أن رجلا جاء إلى الحسن البصري - رحمه الله - يشكو من الجدب وقلة الأمطار فقال له، "استغفر الله"، ثم جاء رجل آخر يشتكي الفقر فقال له، "استغفر الله"، وعندما جاء رجل ثالث يشكو من عدم الذرية فقال له أيضا، "استغفر الله"، فلما سأله جلساؤه عن ذلك قال، ما قلت شيئا من عندي، إن الله سبحانه يقول في سورة نوح، "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي