لماذا يحتاج قطاع الخدمات إلى سياسة صناعية؟ «2 من 2»
يجب النظر إلى الاختبار الأصعب لهذه الأفكار: الرعاية طويلة المدى. سيعرف هذا القطاع زيادة سريعة في نسبة التوظيف مع استمرار تقدم السكان في السن، ومع ارتفاع الطلب على ترتيبات المعيشة في المنزل أو في دور العجزة. لكن نظرا إلى أن معظم أعمال الرعاية طويلة الأجل تتم في المنازل "من خلال الوكالات التي توفر مقدمي الرعاية أو من خلال مقدمي الرعاية العاملين لحسابهم الخاص" أو في مجتمعات تتسم بضعف التنظيم فيما يتعلق بمرافق الرعاية أو المتقاعدين، فإن الأجور وظروف العمل كانت تقليديا سيئة ـ وهي خصائص تجسد الوظائف السيئة. تمثل النساء أغلبية الموظفين ـ وبشكل غير متناسب النساء ذوات البشرة السمراء ـ ولأن عملهن يعد عادة منخفض المهارة، فلا ينظر إليهن باعتبارهن عاملات محترفات.
كيف يمكن تحسين الوظائف في مجال الرعاية طويلة الأمد؟ يقترح بول أوسترمان، الخبير الاقتصادي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ثلاث استراتيجيات شاملة. أولا، يمكن للحكومة فرض بعض المعايير مثل رفع الحد الأدنى للأجور. ثانيا، يمكن لصناع السياسات زيادة معدلات سداد تكاليف برامج التأمين "ميديكيد" و"ميديكير" لخدمات الرعاية الصحية، على أمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة معدل الأجور. ثالثا، يمكن زيادة إنتاجية العاملين في مجال الرعاية المباشرة، ما يساعد نظام الرعاية طويلة الأجل على تلبية احتياجات المرضى بشكل أفضل وخفض التكاليف، ما يوجد المجال للحصول على تعويضات أفضل.
في حين قد تكون الاستراتيجيات السابقة مفيدة إلى حد ما، فإن تعزيز الإنتاجية يشكل في النهاية المصدر الأكثر موثوقية لإيجاد فرص عمل أفضل. وتحقيقا لهذه الغاية، يقترح أوسترمان نهجا مشابها للطريقة الرائدة التي يتبناها صناع السيارات في اليابان لنشر الابتكارات الجديدة في التصنيع. يستلزم ذلك مزيجا من الاستثمار في مهارات العمال، ومنح العمال قدرا أكبر من المشاركة، وحرية التصرف، والاستقلالية، فضلا عن منحهم مزيدا من المسؤولية عن نوعية الخدمة.
يمكن للعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يتمتعون بقدر أكبر من الاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار استخدام معرفتهم بالمقيمين والمرضى لتخصيص خدماتهم وتوفير مزيد من المرونة "مثل الجداول الزمنية والطعام والعلاج". والأهم من ذلك أن هذه الاستراتيجية ستسمح أيضا بإدخال تقنيات جديدة تكمل مهارات مقدمي الرعاية ـ مثل الأدوات الرقمية التي يمكن لمقدمي الرعاية من خلالها جمع المعلومات في الوقت المناسب والاستجابة بشكل أسرع وأكثر كفاءة لاحتياجات السكان.
تتطلب هذه التغييرات الاستعداد لتجربة ممارسات العمل الجديدة والجهود المستمرة، والانتقال من البحث والتطوير وإدخال تقنيات جديدة للرعاية طويلة الأجل إلى تبنيها وتكييفها وتأطيرها محليا في مجتمعات محددة. إذا تمت إدارة الرعاية طويلة الأجل على نحو أفضل بهذه الطرق، ستتمثل فوائد الإنتاجية في انخفاض نسبة استقالة العاملين في مجال الرعاية، وانخفاض معدلات الاستشفاء، وإدارة أفضل للحالات المزمنة، وانتقال أسرع وأكثر سلاسة من مرافق العناية المركزة.
لن يكون تحقيق ذلك بالمهمة السهلة. إن تعزيز الإنتاجية في مجال الخدمات أمر صعب للغاية، وفي الأغلب ما يعيقه عديد من اللوائح المتعلقة بالتراخيص، وتدابير السلامة، وغيرها. لكن إذا فشلنا في إيجاد السبل الكفيلة بزيادة الإنتاجية في المهن المخصصة لعمالنا، فسننتهي باقتصاد «الوظائف السيئة» الأسوأ أداء والأقل شمولية.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.