«أوبك +» تبقي على مستويات الإنتاج لاعتبارات السوق واستقرارها .. التزام بنهج الاستباقية
قرر وزراء الطاقة في تحالف "أوبك +" خلال الاجتماع الوزاري الـ34 للدول الأعضاء عبر الاتصال المرئي، أمس، الإبقاء على اتفاق خفض الإنتاج الذي أقر في تشرين الأول (أكتوبر) والقاضي بخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا بداية من نوفمبر حتى نهاية عام 2023.
وقال بيان صادر عن الاجتماع الوزاري أمس إن القرار جاء تماشيا مع قرار "أوبك +" الصادر عن الاجتماع السابق، الذي بني على اعتبارات السوق فقط، حيث أكد المتعاملون في السوق والصناعة البترولية أنه كان الإجراء الضروري والصحيح لتحقيق استقرار أسواق البترول العالمية، والتزاما بنهج الاستباقية والمبادرة أكدت الدول الأعضاء في "أوبك +" مجددا استعدادها للاجتماع في أي وقت، واتخاذ مزيد من الإجراءات الفورية لمعالجة أي تطورات في السوق، لدعم توازن أسواق البترول واستقرارها، متى ما تطلب الأمر.
وأشار إلى إعادة التأكيد على قرار الاجتماع الوزاري العاشر لـ"أوبك" وحلفائها، في 12 أبريل 2020 والموافقة عليه أيضا في الاجتماعات اللاحقة، التي شملت الاجتماع الوزاري الـ19 في 18 يوليو العام الماضي، والاجتماع الوزاري الـ33 في 5 أبريل 2022، بما في ذلك تعديل وتيرة الاجتماعات الشهرية لتصبح كل شهرين للجنة المراقبة الوزارية المشتركة، مع منح اللجنة صلاحية عقد اجتماعات إضافية، أو طلب الاجتماع الوزاري لأعضاء "أوبك +"، في أي وقت، للتعامل مع أي تطورات في السوق، متى ما تطلب الأمر.
وأعاد البيان التأكيد على الأهمية الحاسمة للالتزام بآلية المطابقة الكاملة والتعويضات والاستفادة من التمديد الذي تمت الموافقة عليه في الاجتماع الوزاري الـ33 للمنظمة وحلفائها، لافتا إلى الاتفاق على عقد الاجتماع الوزاري الـ35 لـ"أوبك" وغير الأعضاء في منظمة أوبك في 4 يونيو 2023، والاجتماع الـ47 للجنة الرقابة في 1 فبراير 2023.
من جانب آخر، يبدأ اليوم تطبيق الحظر الأوروبي على صادرات النفط الروسي المنقولة بحرا وسط ترقب في السوق لردود فعل موسكو وتأثير ذلك في توازن العرض والطلب في السوق النفطية.
وتوقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري في ضوء انتظار قراءة السوق لقرار "أوبك +" في ختام الاجتماع الذي قضى بتثبيت الإنتاج، وكذلك بدء الحظر الأوروبي على صادرات النفط الروسية.
وأوضح لـ"الاقتصادية"، المحللون أن قرار "أوبك +" استمرار حالة عدم اليقين في السوق بشأن تأثير الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على واردات الخام الروسية المنقولة. وأكدوا أن جميع مؤشرات الأسهم الرئيسة ارتفعت خلال الأسبوع الماضي بينما انخفض مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له في 16 أسبوعا ما ساعد على ارتفاع أسعار النفط.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أيه" لخدمات الطاقة إن وزراء الطاقة حسموا كل التكهنات التي سادت السوق في الأيام القليلة السابقة للاجتماع الوزاري، والتي تحدث عن خفض الإنتاج بشكل طفيف أو زيادة الإنتاج لتعويض العقوبات الروسية، مشيرا إلى أن الجدل في السوق أدى إلى اتساع وتيرة التقلبات السعرية.
وذكر أن الاجتماع الوزاري بنى على الاجتماع السابق الذي أجرى تخفيضات إنتاجية قياسية وخفض الإنتاج الجماعي لـ23 منتجا بنحو مليوني برميل يوميا لتفادي الانخفاض المتوقع في الطلب بسبب سياسات الإغلاق الصارمة لفيروس كورونا في الصين وعلامات الركود المحتمل في الاقتصادات الرئيسة.
ويرى دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية أن المستهلكين ربما لا يواجهون قرار تمديد الحصص الإنتاجية بأي تحفظ، مؤكدا أن اجتماع وزراء "أوبك +" المقبل سيقيم تأثير عقوبات روسيا وغيرها من عوامل عدم اليقين في السوق.
وأشار إلى أن اتفاق وزراء الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع على فرض سقف سعر يبلغ 60 دولارا للبرميل وهو أعلى من مستوى أسعار بيع خام النفط الروسي "الأورال" حاليا، لافتا إلى توقع بعض مراقبي السوق أن تستمر الصادرات الروسية في التدفق على نطاق واسع كما كان من قبل مع تأثير ضئيل في عائدات النفط في موسكو.
ويوضح بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة أن استقرار السوق في ظل العوامل القوية الحالية ومتضادة التأثير قد يكون صعبا في هذه المرحلة، ولا سيما أن مجموعة السبع ترغب من خلال قرار تحديد السقف السعري للنفط الروسي في الحفاظ على السوق العالمية جيدة الإمداد ولكن الممارسة العملية قد تثبت عدم صحة هذه التوقعات.
وأشار إلى ترقب السوق ردود الفعل الروسية، حيث أكد الكرملين أن روسيا لن تقبل بفرض سقف سعري على مبيعاتها من النفط والغاز، لافتا إلى قيام روسيا بتحليل الوضع في السوق قبل اتخاذ أي قرارات بشأن سياسات الإنتاج والتصدير مع عدم توقع تأثير في أحجام صادرات النفط الروسي في ديسمبر، حيث تم التعاقد عليها في أكتوبر ونوفمبر الماضيين، كما يتم التعاقد على أحجام صادرات يناير حاليا.
بدورها، قالت إرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية إن وزراء "أوبك +" أجروا بالفعل مراجعة للتطورات في سوق النفط والتحديات التي تواجه المنتجين ودراسة تأثير قرار "أوبك +" السابق بشأن خفض الإنتاج وسبل تحقيق مزيد من الاستقرار والتوازن للسوق.
ولفتت إلى ارتفاع أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى أعلى مستوى لها في ثلاثة أسابيع في الأسبوع الماضي بسبب تخفيف إغلاق كوفيد - 19 في الصين وسحب مخزون كبير ووقف متوقع لإصدارات الاحتياطي النفطي الاستراتيجي وتوقعات نمو أبطأ في الولايات المتحدة ومستوى أضعف للدولار، حيث تمكن خام برنت من التعافي من أدنى مستوى في عشرة أشهر إلى أعلى مستوى في أسبوعين مدعوما بفرض سقف على النفط الروسي، ما قد يؤدي إلى وصول كميات أقل من جبال الأورال إلى السوق العالمية.