هل ستنجو العملات المشفرة؟ «2 من 2»

تجعل المنصات المركزية، مثل منصة تبادل العملات المشفرة FTX، من السهل امتلاك وتداول العملات المشفرة، لكن على حساب تمهيد الطريق للفساد الإداري، تماما كما هو الحال في أي شركة مالية تقليدية. يمكن أن تزيد اللامركزية من قابلية التعرض للهجمات، لكن حتى الآن أثبتت أهم العملات المشفرة، مثل عملتي بيتكوين وإيثيروم، قدرتهما على الصمود.
تكمن المشكلة في وجود بورصات لامركزية فقط في عدم كفاءتها مقارنة ببطاقة فيزا وماستركارد، على سبيل المثال، أو المعاملات المصرفية العادية في الاقتصادات المتقدمة. كما عملت المنصات المركزية، مثل منصة تبادل العملات المشفرة FTX، على إضفاء الطابع الديمقراطي على مجال التشفير، ما سمح للأشخاص العاديين، دون مهارة تقنية، بالاستثمار في العملات المشفرة والتعامل معها.
من الممكن بالتأكيد إيجاد سبل لمضاعفة سرعة ومزايا تكاليف البورصات المركزية في نهاية المطاف. لكن يبدو أن هذا غير مرجح في المستقبل المنظور، ما يجعل من الصعب معرفة السبب الذي يدفع أي شخص غير متورط في التهرب الضريبي والتنظيمي "فضلا عن الأنشطة الإجرامية"، إلى استخدام العملات المشفرة، وهي نقطة أكدتها منذ فترة طويلة.
ربما يتعين على الجهات التنظيمية دعم التوازن اللامركزي من خلال إلزام المنصات بمعرفة هوية أي شخص يتعامل معها، بما في ذلك على تقنية البلوك تشين. على الرغم من أن هذا قد يبدو إجراء غير ضار، إلا أنه سيجعل من الصعب للغاية التداول على تقنية البلوك تشين بشكل مجهول نيابة عن عملاء المنصة.
صحيح أن هناك بدائل تتضمن "تحليل السلسلة" تسمح بفحص المعاملات داخل وخارج محفظة بيتكوين "حساب" خوارزميا، ما يسمح بالكشف عن الهوية الأساسية في بعض الحالات. لكن إذا كان هذا النهج كافيا ويمكن إزالة كل مظاهر إخفاء الهوية، فمن الصعب تخيل كيف يمكن للعملات المشفرة التنافس مع خيارات الوساطة المالية الأخرى الأكثر كفاءة.
أخيرا، بدلا من مجرد حظر وسطاء العملات المشفرة، قد يلجأ عديد من الدول في النهاية إلى فرض حظر على جميع معاملات العملات المشفرة، كما فعلت الصين ومجموعة من الاقتصادات النامية بالفعل. إن إضفاء الشرعية على عملتي بيتكوين وإيثيروم ومعظم العملات المشفرة الأخرى لن يمنع جميع المعاملات، لكنه سيضع قيودا على النظام بلا شك.
إن مجرد حقيقة أن الصين كانت من أوائل الدول التي اتخذت هذه الخطوة لا يجعل الاستراتيجية خاطئة، خاصة إذا اشتبه المرء في أن معظم المعاملات ينطوي على تهرب ضريبي أو نشاط إجرامي، على غرار الأوراق النقدية عالية التصنيف مثل ورقة بقيمة 100 دولار.
في نهاية المطاف، من المرجح أن يحذو عديد من الدول الأخرى حذو الصين. ومع ذلك، في ظل تنظيم العملات المشفرة الضعيف والمجزأ، من غير المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة، أهم لاعب، بتبني استراتيجية جريئة في أي وقت قريب. قد تكون منصة تداول العملات المشفرة FTX أكبر فضيحة في مجال العملات المشفرة حتى الآن، لكن من المؤسف أنها لن تكون الأخيرة.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي