يومك سعيد .. عزيزي العميل
من آثار كورونا وما بعدها أنها سرعت بالرقمنة والخدمات الإلكترونية خاصة الحكومية، حتى أصبحت هي الأساس تقريبا، وكان يقال إن ما بعد كورونا ليس كما قبلها وقد ثبت ذلك في أمور كثيرة هذه واحدة منها.
لكن هذا التوجه "الرقمني" مع ما فيه من إيجابيات كثيرة وتطور تقني وسهولة خدمات يخفي عيوبا لا بد من طرحها وتناول نقاشها، والبحث عن حلول لها بجدية وشفافية حتى تكتمل متانة المنظومة الرقمية وتؤدي عملها على أحسن وجه.
ولعل أبرز عيب ساطع وما انكشف من هشاشة بعد تزايد جرائم الاحتيال المالي وسهولة ارتكابها عن بعد وكثرة ضحاياها، كما يتداول في وسائل التواصل، فلا أرقام رسمية معلنة حتى الآن. وهي قضية مهمة تعالج الآن ببطء من واقع ما نلمسه من إجراءات متجددة تتخذها البنوك. وليس هذا غرض المقال حيث طرحت قضية الاحتيال المالي غير مرة.
لكن صدمة جرائم الاحتيال المالي كشفت الضعف وأظهرت بعض الثقوب وما يعنينا في هذا المقال بطء التجاوب الشافي الوافي، بسبب الاتكالية على العناية الآلية أو شبه الآلية والأخيرة يقصد بها وجود موظف أو موظفة ترد بأجوبة محفوظة لا تغني ولا تسمن للمتصل طالب الخدمة، بل تعيده في الأغلب إلى نقطة البداية.
ولست أعلم ماذا يستفاد من التغذية الراجعة والحرص على طلب التقييم والملاحظات بكثرة الرسائل من قبل مواقع وتطبيقات للخدمات الإلكترونية، إذا لم يتم التطوير السريع والاستفادة من ملاحظات وتعثرات المستخدمين، وإذا لم يلمس "المستفيد" صدى لملاحظاته فمن المؤكد أنه لن يتجاوب مع الطلبات.
في كل جهة تقريبا إدارة أو قسم لتجربة العميل أو المستفيد يفترض أنها وصلت إلى مرحلة النضج في معرفة نقاط وبؤر التعثر والشكاوى، ومن هذه النقاط ضعف الإرشاد قبل طلب الخدمة وفهم المصطلحات المستخدمة في التطبيقات والمواقع من قبل المستفيد. وتلجأ حسابات العناية بالمستفيد في وسائل التواصل عند شكوى من مغرد حول مشكلة في خدمة إلى طلب مراسلته على الخاص، ويمكن فهم ذلك حفاظا على الخصوصية، رغم أن كثيرين قد يعانون المشكلة نفسها فتحصر الإفادة في الخاص إذا تمت، وهي من تجربة لا تتم إلا بإجابات معلبة آلية، أو الإحالة إلى بريد إلكتروني أو اتصال على هاتف هي الغالب.
المحافظة على هذه التجربة الباهرة وزيادة موثوقيتها ومتانتها لا يمكن لها النجاح إلا بالتفاعل البشري لإصلاح نقاط ضعفها، وإلا سيدور المستفيد في حلقة مفرغة ويعود إلى خيار "تعرف أحد".