الخوف الفاخر
نحاول دائما أن نستأصل الخوف من أعماقنا، دون أن نعي أن هناك خوفا فاخرا يتعين علينا ادخاره، وهو الخوف من أن تكون نسخة من الآخرين.
فمهما حاولت أن تقلد أحدا ستظل رديفا، لا أصليا رئيسا.
لكل فرد منا سماته الخاصة. فاحرص على السمو بفرادتك، والنهوض بأصالتك.
احذر أن تكون شبيها لأحد. استفد من الجميع، ولكن كن مختلفا.
كل من سما وارتقى وصعد، كان فريدا وفذا وخلاقا، لا يشبه الآخرين.
راقب الاستثنائيين. لقد حافظوا على خصالهم فرسخوا واستقروا، وخلدوا في ذاكرتنا.
احتفظوا بميزاتكم لتتركوا الأثر المرجو.
وتذكر أن لكل امرئ بصمته. حينما تفتقدها تصبح بلا سمة نوعية.
يقول الشاعر والروائي: تشارلز بوكوفسكي:
"نعم أشعر بالخوف، بالخوف من التحول إلى شخص يشبه الآخرين".
تصفح الوجوه المتجذرة في رأسك، ستجدها لأولئك الذين اعتنوا بسماتهم.
يرى المؤرخ أليكسيس دو توكفيل، أن التاريخ يعد معرضا للأعمال الفنية. النسخ الأصلية هي الثمينة، أما المنسوخة فهي الرخيصة.
فهل ترغب أن تكون نسخة غالية أم زهيدة؟
النسخة الأصلية ليس معناها أن تقوم بأعمال شاقة، ولكن أن تعمل بذكاء، لتكون شخصية غير مكرورة.
لا تجعل الناس يتذكرون فلانا عندما تقوم بعمل ما، وإنما اجعلهم يتذكرون أنك من قمت به. أثر العطر الذي بعثته، هو الأثر الذي تركته.
ففي عملك تعلم من الكل، لكن لا تقلد أحدا. لا ترتبط شخصيتك بآخر.
في كتابتك وحديثك وتصرفاتك، اصنع أسلوبا لك، وتوقيعا لا يمضيه سواك.
من الصعب في هذا العالم المكتظ بالتصفيق والإعجاب، وهوس المتابعين، و"الترند"، أن يجد المرء لنفسه مكانا يقوم فيه بأدوار جديدة خشية الإقصاء.
أصبح كثيرون يشبهون بعضا. "يدورون" الشخصيات بابتذال، ويقبرون مواهبهم وخصالهم وملامحهم في مستنقع التكرار.
يخضعون لعمليات تشوههم. يكرسون سلوكيات زائفة.
ورغم كل التشوهات والتلوث، سوف تنتصر العفوية، لأنها تنبض بالصدق وتفوح بالدهشة.
لا تتبرأ من نواقصك، فما يراه بعضهم عيبا فيك قد يكون مصدرا لاختلافك وجاذبيتك.
رب إبداعك، واسقه بماء إصرارك.
إن من يشتم البذور سيكون أول من يسعى لاستنشاق الزهور.