أليسون شراجر: إجراءات ماسك ليست تقشفا ولن تؤدي لانكماش الاقتصاد
سياسات ترمب قد تعزز النمو بسبب خفض الضرائب وتحفيز القطاع الخاص
- هناك تهديدان كبيران يُمكن أن يُقوضا سيناريو النمو المرتقب وهما الدين وانعدام اليقين
- تعهد ترمب بإلغاء القيود التنظيمية سيوسع نطاق القطاع الخاص ويُعزز ديناميكية الاقتصاد الأمريكي
رغم الحديث عن التقشف، وفي خضم التهديد بحرب تجارية عالمية، وتصحيح فعلي في سوق الأسهم، ومخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، لا يزال هناك احتمال أن تسهم أجندة الرئيس دونالد ترمب في تعزيز النمو الاقتصادي. وكالعادة، يبقى التنفيذ هو العامل الحاسم.صحيح أن تقليص حجم الحكومة، وهو البند الأول في جدول أعمال الرئيس، يرتبط عادةً بسياسات التقشف. لكن رغم أن إدارة الكفاءة الحكومية بقيادة إيلون ماسك تتسبب في اضطرابات كبيرة، من خلال تسريح الموظفين وتقليص التمويل وإلغاء بعض الوكالات، فإن هذه الإجراءات لا تُشكل بمفردها برنامج تقشف.
فالتقشف عادةً ما يُفرض في أوقات الأزمات، ويهدف إلى انكماش الاقتصاد من خلال خفض الإنفاق والعجز المالي بشكل متزامن. أما ما تقوم به إدارة الكفاءة الحكومية، فهو يركز على خفض التكاليف فقط، بتأثير محدود، دون أي صلاحية تُذكر في ما يخص جانب الإيرادات.
ضرائب أقل .. نمو أكبر
في الوقت نفسه، يمكن أن يأتي التحفيز الاقتصادي إما عبر زيادة الإنفاق أو خفض الضرائب. وإذا أقر الكونجرس حزمة تخفيضات ضريبية لاحقاً هذا العام، فقد تكون كافية لتعويض، أو حتى تجاوز، آثار خفض الإنفاق الناتج عن جهود إدارة الكفاءة الحكومية. أما إذا كانت إصلاحات النظام الضريبي فعالة (أي تتجاوز مجرد إعفاء الإكراميات من الضرائب)، فسيكون من المنطقي توقع تحقيق مزيداً من النمو الاقتصادي.
من المهم أيضاً الانتباه إلى توصيف وزير الخزانة سكوت بيسنت للإستراتيجية العامة التي تتبناها الإدارة الأمريكية، والتي تهدف إلى تحويل الموارد من القطاع العام إلى القطاع الخاص. مثل هذا التحول قد يكون مفيداً للاقتصاد، خاصة إذا كنت من المؤمنين، مثلي، بأن القطاع الخاص أكثر قدرة على تخصيص رأس المال والعمالة بكفاءة. ثمة أدلة أيضاً تُظهر أن الإنفاق الحكومي لم يُثبت فاعليته الكبيرة في تعزيز النمو بأي حال.
بلا شك، فإن قدرة القطاع الخاص على تحقيق نتائج أفضل تعتمد على طبيعة وحجم التخفيضات الضريبية. إذ تتضمن الخطط الحالية تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت في 2017 للأسر، والتي لا تزال سارية حتى الآن، إلى جانب إعادة العمل ببعض البنود المرتبطة بأمور مثل الاستهلاك، ما يجعل بيئة الاستثمار أكثر ربحية. ويُفترض أن تصبح هذه السياسات، التي أثبتت طابعها التوسعي، دائمة.
من جهة أخرى، اقترح ترمب خفض معدل الضريبة على الشركات إلى 15%، وهي خطوة من شأنها تعزيز عملية تحويل الموارد من القطاع العام إلى القطاع الخاص. كما أن تعهده بإلغاء مزيد من القيود التنظيمية، وهو أحد وعود حملته الانتخابية، سيُسهم في توسيع نطاق القطاع الخاص ويُعزز ديناميكية الاقتصاد الأمريكي.
الرسوم الجمركية ومصير النمو
مع ذلك، ثمة تهديدان كبيران يُمكن أن يُقوضا سيناريو النمو المرتقب، وهما: الدين وحالة انعدام اليقين. فالنمو الذي قد يتحقق نتيجة خفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية من غير المرجح أن يُعوض الزيادة في حجم الدين، الذي يُعد عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد. أما حالة عدم اليقين، فمصدرها الرئيسي هو الرسوم الجمركية.
وبوجه عام، لا تُعد الرسوم الجمركية محفزة للنمو الاقتصادي، لكن التفاصيل والدوافع تُحدث فارقاً. وهناك الكثير مما قد يسير في الاتجاه الخطأ، فإذا كان الهدف الرئيسي هو تعزيز الإنتاج المحلي وتقليص التجارة مع بقية العالم، فذلك سيؤدي إلى تباطؤ النمو.
كما أن المستهلكين غالباً ما يتحملون تكلفة الرسوم على السلع المستوردة، بينما تتحمل الشركات تكاليف مدخلات الإنتاج، وهو ما ينعكس سلباً على النشاط الاقتصادي. إلى جانب ذلك، فإن الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية لن تُسهم في تقليص العجز إذا كانت مصحوبة بتخفيضات كبيرة في الضرائب على الشركات.
إذن ما الذي قد يُحقق نتائج إيجابية؟
من المحتمل أن يكون كل هذا الحديث عن الرسوم الجمركية مجرد وسيلة تفاوضية لدفع الدول الأخرى نحو خفض رسومها، ما يُفضي في النهاية إلى علاقات تجارية أكثر عدالة وقابلة للتنبؤ. وإذا انتهى الأمر بالولايات المتحدة بفرض رسوم أقل على دول غير الصين، إلى جانب خفض ضرائب الشركات، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى تعزيز النمو الاقتصادي.
الرسوم الجمركية بين المخاطر والمكاسب
هناك احتمال ثالث لمسار الرسوم الجمركية، وهو ألا تكون آثارها إيجابية كما يدعي مؤيدوها، لكنها أيضاً ليست سيئة كما يحذر معارضوها. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، تعتمد في الأساس على اقتصاد الخدمات، وتشكل التجارة نسبة أقل من اقتصادها مقارنة بدول أخرى، لذا قد لا يكون لتلك الرسوم التأثير الكبير الذي يخشاه كثيرون. إضافة إلى ذلك، يمكن هيكلة التخفيضات الضريبية على الشركات بطريقة تُسهم في تعويض بعض التكاليف قصيرة ومتوسطة الأجل الناجمة عن الرسوم. وإذا سارت الأمور على ما يرام، فقد تحقق الولايات المتحدة نمواً اقتصادياً أفضل، لكنها قد تجد نفسها أيضاً في مواجهة ديون أعلى.
إنها إستراتيجية عالية المخاطر وعالية المكاسب، ولا أحد يستطيع الجزم بنتائجها النهائية. غير أن نجاح الإدارة في وضع سياسة جمركية أكثر تنظيماً وقابلية للتنبؤ قد يُسهم في تهدئة الأسواق، وطمأنة المستهلكين والشركات على حد سواء. فحالة عدم اليقين لا تخدم النمو إطلاقاً، حتى وإن كانت التخفيضات الضريبية مشجعة.
خاص بـ "بلومبرغ"