المستقبل ومزيد من تعقيدات التضخم «2 من 2»
في السيناريو الثاني يصبح التضخم عنيدا ويستمر معدل التضخم في الانخفاض، لكنه بعد ذلك يتوقف عند مستوى 3 إلى 4 في المائة خلال النصف الثاني من هذا العام، مع توقف أسعار السلع عن الانخفاض، واستمرار تضخم الخدمات. هذا من شأنه أن يجبر الاحتياطي الفيدرالي على الاختيار بين سحق الاقتصاد لحمل التضخم على الانخفاض إلى الهدف 2 في المائة، أو تعديل المعدل المستهدف لجعله أكثر اتساقا مع ظروف العرض المتغيرة، أو الانتظار حتى يتبين ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على التعايش مع تضخم ثابت عند مستوى 3 أو 4 في المائة. لا أدري ماذا قد يختار "الاحتياطي الفيدرالي" في مثل هذا الحال، لكني أعطي احتمالية حدوث سيناريو التضخم العنيد 50 في المائة، ولهذا آمل أن يكون "الاحتياطي الفيدرالي" أولى هذا السيناريو بعض الاهتمام.
أخيرا، لدينا احتمال حدوث ما يمكننا تسميته "التضخم على هيئة حرف U"، في هذا السيناريو تعود الأسعار إلى الارتفاع في أواخر هذا العام حتى 2024، حيث يعمل الاقتصاد الصيني الذي تعافى بالكامل وسوق العمل القوية في الولايات المتحدة في الوقت ذاته، على دفع تضخم الخدمات وارتفاع أسعار السلع على نحو مستمر. وأنا أعطي احتمال حدوث هذه النتيجة 25 في المائة.
لا يتعلق الأمر بسيناريوهات متعددة لا ينفرد أحدها بالسيطرة فحسب، بل يرتبط أيضا باحتمالات يجب النظر فيها بحذر. عـبـر لورنس سمرز، وزير الخزانة الأمريكي السابق، عن المزاج السائد بين عديد من الاقتصاديين اليوم حين قال أخيرا، "إنه اقتصاد من الصعب قراءته بقدر ما ترجع بي ذاكرتي إلى الوراء".
يتجلى هذا الشعور بعدم اليقين في توقعات الأمد القريب للنشاط الاقتصادي، والأسعار، والسياسة النقدية، فضلا عن التحولات البنيوية طويلة الأجل، مثل التحول إلى الطاقة النظيفة، وإعادة توصيل سلاسل الإمداد العالمية، وطبيعة العولمة المتغيرة. كما تلعب التوترات الجيوسياسية المتصاعدة دورا ملموسا.
أيا كانت الأحداث التي تنتظرنا في المستقبل، فإن أسوأ ما قد نفعله هو العودة إلى التراخي والرضا عن الذات. بعد أن دافع باول عن فكرة "التضخم العابر" لفترة طويلة، نجده يحذر منه الآن. قال باول أخيرا، "كان من المتوقع أن يمر التضخم بسرعة ودون آلام، وأنا لا أظن أن هذا مضمون على الإطلاق. الحالة الأساسية -في اعتقادي- هي أن الأمر سيستغرق بعض الوقت. وسنضطر إلى تنفيذ مزيد من زيادات أسعار الفائدة...".
الواقع أن الروايات الاقتصادية التبسيطية، خاصة تلك المريحة التي تغري أولئك الذين يبحثون عن طرق مختصرة، في الأغلب ما تكون مضللة أكثر من كونها منيرة للطريق أمامنا. كان هذا هو الحال مع رواية التضخم العابر، التي على الرغم من تكذيبها في الفترة 2021 - 2022 تعود الآن إلى الظهور. وهو الحال ذاته أيضا مع أولئك الذين يتوقعون بدرجة عالية من الثقة حدوث الركود في الولايات المتحدة "أنا لست مع ذلك المعسكر"، لكنهم لا يلبثون يستخفون به على اعتباره "قصيرا وضحلا" لمجرد استعادة منطقة ارتياحهم الاقتصادية.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.