ظاهرة الثنائية
إن من نواميس الكون التي خلقها الله سبحانه وتعالى ظاهرة الثنائية، بها ينتظم الكون وبها تستقيم حركة الحياة فيه.
هذه الثنائية مبنية على التكامل والتوافق لا على التقابل والتنافر. فالحق سبحانه وتعالى يقول، "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون".
فهذه الثنائية ليست مجرد ظاهرة كونية أو جسدية فحسب، بل هي أمر واضح يدركه كل ذي عقل ويجب الإيمان به وبما يحويه من دلائل وإشارات.
إن نجاح الجنس البشري مرهون بفهمه لهذه الحقيقة خاصة فيما يتعلق بثنائية الرجل والمرأة، فقد خلقهما الله سبحانه وتعالى ثنائيا مختلفا لا ليتصارعا، لكن ليتكاملا وأوجد لكل منهما أدوارا ذات قيمة عالية لتتناسب مع طبيعة كل منهما وتكوينه. إن أصل الناس في الخلقة سواء، فالرجال والنساء متساوون في النشأة والأصل.
"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء.. الآية". "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى.. الآية". فلا فوارق بينهما في الأصل والفطرة وإنما الفارق في الاستعداد والوظيفة. والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد المساواة العادلة بين النساء والرجال في أصل الخلقة بقوله، "إنما النساء شقائق الرجال".
والشقائق جمع شقيقة ومنه شقيق الرجل وهو أخوه لأمه وأبيه، والمعنى أن النساء نظائر الرجال وأمثالهم في الخلق والطباع، فهما في أصل الخلق والإنسانية سواء وكذا في معيار الكرامة وفي باب الاحترام ولكل منهما حقوق وعليه واجبات، وهما أيضا سواء في عموم الدين والتشريع فالحق سبحانه يقول، "من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة.. الآية" وكذا فهما متماثلان في مسألة الثواب والعقاب على الأعمال. نعم ليس الذكر كالأنثى في التكوين الجسدي ولا في التركيب النفسي ولا في طريقة الحديث والكلام ولا في العاطفة والاهتمام.
وقد أثبتت دراسات علمية حديثة أن الرجل يستخدم القسم الأيمن من الدماغ بصورة أكبر من الإناث، ما يجعل لدى الرجال مهارات عالية في الرياضيات على خلاف الإناث اللواتي يتفوقن في المهارات اللغوية.
ومن ناحية الأحكام الشرعية نجد أن هناك اختلافا منطقيا بين الجنسين، وهو راجع إلى طبيعة كل منهما قائم على العدل لا على المساواة، بحيث يعطى لكل منهما الدور الذي يلائمه ليكونا كالجناحين اللذين يحلقان بالإنسان في فضاءات الحب والسعادة والاطمئنان.