لا بد من تكثيف الدعم لأشد الدول فقرا «2 من 2»
بشأن نقص التمويل يعتمد نجاح إصلاحاتنا المفصلية للصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر في 2021 لتسريع تعافي الدول منخفضة الدخل من آثار الجائحة، على استراتيجية للتمويل حددت ضرورة تعبئة مبلغ قدره نحو 16.9 مليار دولار "12.6 مليار وحدة حقوق سحب خاصة" في هيئة موارد تمويل القروض ونحو 3.1 مليار دولار "2.3 مليار وحدة حقوق سحب خاصة" في هيئة موارد تمويل الدعم. وبلغت التعهدات حتى الآن نحو ثلاثة أرباع هدف موارد تمويل القروض، وأقل من نصف هدف موارد تمويل الدعم.
وزادت الاحتياجات لموارد تمويل الدعم منذ ذلك الحين على خلفية حجم الطلب غير المسبوق على الدعم من صندوق النقد الدولي والارتفاع الحاد في أسعار الفائدة.
ومن ثم فإن الحاجة ماسة إلى التعهدات الإضافية للوفاء بهدف تعبئة الموارد بحلول موعد الاجتماعات السنوية في المغرب في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل ـ وهي أول اجتماعات تعقد في إفريقيا منذ 50 عاما وتمثل فرصة تاريخية للدول المانحة لإظهار مدى التزامها بدعم القارة الإفريقية عن طريق التوصل إلى اتفاق حول استراتيجية متوسطة الأجل لوضع موارد الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر على مسار ثابت.
والإخفاق في تأمين هذه الموارد سيهدد قدرة الصندوق على تقديم الدعم المطلوب بشدة للدول منخفضة الدخل في إطار سعيها إلى تحقيق الاستقرار لاقتصاداتها في عالم يتزايد تعرضه للصدمات. والرسالة واضحة، على دولنا الأعضاء التكاتف وتكثيف الدعم المقدم لهذه الدول الضعيفة.
وتمويل الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر هو الطريقة المثلى لتحقيق ذلك. مثلما يمكن للتعاون الدولي معالجة النقص في تعبئة الموارد، فإنه قادر أيضا على حل مأزق المديونية الذي تحول دون حصول بعض الدول على التمويل الميسر.
ورغم أن نسب الدين لا تزال أقل مما كانت عليه قبل المبادرة المعنية بالدول الفقيرة المثقلة بالديون "هيبيك" في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن مواطن التعرض للمخاطر ارتفعت بصورة ملحوظة في الدول منخفضة الدخل، وبات هذا الاتجاه مثيرا للقلق. فهناك نحو 15 في المائة من الدول منخفضة الدخل تعاني بالفعل حالة المديونية الحرجة، وتتعرض 45 في المائة منها لارتفاع مواطن الضعف المتعلقة بالديون. ومع ارتفاع أسعار الفائدة الدولية سيترتب على ذلك إيجاد مخاطر أكبر وتقييد الحيز المالي.
وفي الوقت نفسه، فإن التغيرات التي طرأت على ساحة الدائنين تزيد من صعوبة اضطلاع الدول بإعادة هيكلة ديونها التي يتعذر عليها سدادها. فقد أصبح الدائنون أكثر تنوعا مما سبق وآليات التنسيق تشوبها العيوب إلى حد كبير. ويتسبب التشرذم الجغرافي ـ السياسي في زيادة محنة الدول الأكثر فقرا، بزيادة صعوبة التوصل إلى توافق دولي حول مجالات الاهتمام المشترك، بما فيها الديون.
والتعجيل بتنفيذ الإطار المشترك لمعالجة الديون الذي أعدته مجموعة العشرين يمثل عاملا ضروريا لضمان تحقيق التنسيق وإيجاد شعور الثقة بين الدائنين والمدينين. ومن الممكن تطبيق الدروس المبكرة المستخلصة من النجاح المحرز في حالة تشاد على حالتي غانا وزامبيا لتسريع وتيرة التقدم.
ويبشر اجتماع المائدة المستديرة بشأن الديون السيادية العالمية، الذي استهله صندوق النقد الدولي في شباط (فبراير) بالتعاون مع البنك الدولي والهند "بوصفها رئيس مجموعة العشرين" بإمكانية الوصول إلى توافق كبير في الآراء بين أهم الأطراف المعنية. ونعمل حاليا جاهدين على تحقيق مزيد من التقدم عندما يلتقي جميع المشاركين على المائدة المستديرة -دائنين ومدينين- في الـ12 من نيسان (أبريل)، أثناء اجتماعات الربيع.
ولا شك أن هناك كثيرا مما سيتم تناوله بالنقاش عند وصول وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من دولنا الأعضاء البالغ عددها 190 بلدا إلى واشنطن في الأسبوع المقبل. لكن ينبغي لهؤلاء القادة ألا يسمحوا للتحديات الأخرى بمزاحمة الاحتياجات الملحة لأفقر دول العالم. ودعم الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر هو طريقة ممتازة لإبقاء هذه القضية على قمة جدول الأعمال العالمي.