الرياض والخرطوم .. علاقات تاريخية ومصير مشترك

الرياض والخرطوم .. علاقات تاريخية ومصير مشترك
بلغ إجمالي من أجلتهم المملكة من السودان 8498 شخصا."واس"

تتسم العلاقات الثنائية بين المملكة والسودان الشقيقة بالتطور والنمو في شتى المجالات، وتربط البلدين علاقات تاريخية مميزة، تقوم على أساس التعاون والمصير المشترك وتبادل المصالح واستقرار وأمن البلدين، واستثمار الإمكانات والمقدرات الكبيرة البشرية والمادية لهما.
وتؤكد توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده على توطيد وتطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات.
وتأتي توجيهات خادم الحرمين الشريفين التي صدرت إبان الإعلان عن الفترة الانتقالية في السودان، التي تضمنت تقديم حزمة من المساعدات الإنسانية تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية، وكذا إعلان المملكة عن تأييدها لما ارتآه الشعب السوداني حيال مستقبله، وما اتخذه المجلس العسكري الانتقالي من إجراءات تصب في مصلحة الشعب السوداني وفي المحافظة على الأرواح والممتلكات، ودعوة المملكة الشعب السوداني الشقيق بكافة فئاته وتوجهاته إلى تغليب المصلحة الوطنية، وبما يحقق تطلعاتهم وآمالهم في الرخاء والتنمية والازدهار، تأكيدا على دعم المملكة لكل ما يضمن للسودان أمنه واستقراره وسلامته سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ومن ذلك الحين إلى الآن بذلت المملكة -ولا تزال- جهودا كبيرة، حيث أسهمت بفاعلية في التوصل لاتفاق الشراكة الموقع بين الأطراف السودانية، ودعمت الجهود التي بذلها الاتحاد الإفريقي والأطراف الإقليمية الأخرى للتوصل إلى ذلك الاتفاق.
كما سعت لدعم الحكومة لإنجاح الفترة الانتقالية، وبذلت جهودا لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بصورة نهائية، وتحركت كذلك للضغط على دائني السودان للتوصل إلى اتفاق واسع لخفض ديونه البالغة 50 مليار دولار، بهدف إعادة السودان إلى مكانه الطبيعي بين دول العالم.
والتزمت المملكة بتقديم 1.5 مليار دولار، كمنحة وجزء من المساعدات الاقتصادية كانت قد أقرتها للسودان في عام 2019، منها مبلغ 750 مليون دولار تم إيداعها في حساب الحكومة السودانية، و500 مليون دولار مخصصة للمساعدة في حل أزمة القمح والدواء والبترول وبعض السلع الأخرى.
وتبرز المملكة كإحدى أهم الدول التي تربطها علاقات وثيقة بالسودان، والداعمة لها لتجاوز الصعوبات الاقتصادية، ومن ذلك إيداعها 250 مبلغ مليون دولار في البنك المركزي السوداني في مايو 2019، لتعزيز سعر صرف العملة المحلية، كما قدمت مساعدات مالية تجاوزت 250 مليون دولار منذ بداية الفترة الانتقالية، للتخفيف من أي أثر سلبي على المواطن السوداني.
وتعهدت المملكة في شهر مارس 2021 باستثمار ثلاثة مليارات دولار في صندوق مشترك للاستثمار في السودان، وتحرص على التأكد من أن تكون هذه الاستثمارات محفزا لاستثمارات أخرى حكومية وخاصة.
كما قررت المملكة بالشراكة مع دولة الإمارات ، في شهر أبريل 2021، تقديم 400 مليون دولار للسودان، لمساعدته في توفير مدخلات الإنتاج الزراعي للموسمين الصيفي والشتوي للعام 2021.
وقدم الصندوق السعودي للتنمية قرضين لتمويل مشروعات في قطاعي الصحة والتعليم في السودان للعام 2020 بقيمة 487.5 مليون ريال سعودي بواقع 243.75 مليون ريال لكل قطاع، ويعد هذان القرضان جزءا من التمويل المقدم من الصندوق لدعم تنفيذ عشرات المشروعات التنموية في السودان.
كما نفذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية 93 مشروعا في السودان، بلغت قيمتها الإجمالية حتى 28 فبراير الماضي نحو 63 مليون دولار.
وبناء على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في أغسطس 2022، بتسيير جسر جوي عاجل يشتمل على مساعدات غذائية وإيوائية عاجلة لإغاثة المتضررين من الفيضانات والسيول التي ضربت بعض المدن والمحافظات في السودان أخيرا.
وبالعودة للعلاقات التاريخية مع الشعب السوداني الشقيق، فهي علاقات قديمة وأصيلة، شهدت تطورا منذ سبعينيات القرن الماضي، بإسهام أعداد كبيرة من النخب السودانية في عمليات البناء والنماء والتطور التي شهدتها المملكة.
وشهدت العلاقات السياسية بين البلدين تطورا مستمرا منذ استقلال السودان في العام 1956، وإنشاء أول تمثيل دبلوماسي بين البلدين، فضلا عن التواصل القائم بين البلدين عبر البحر الأحمر.
ومثلت قمة الخرطوم في العام 1967 والتي عرفت بقمة اللاءات الثلاث تحولا كبيرا في العلاقات السياسية، وذلك عند زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز.
وأدت المملكة دورا مهما في مشروعات التنمية في السودان، من خلال الاستثمارات والمشروعات الكبيرة التي تبنتها، ومنها المشاركة في مشروع مصنع "سكر كنانة" وعديد من المشروعات التنموية الأخرى، ويمثل البعد الاقتصادي أيضا ركيزة أساسية في العلاقة بين البلدين في مجال الزراعة بشقيها النباتي والحيواني.
ونما النشاط الثقافي المشترك بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بوجود الطلاب السودانيين في بعض الجامعات السعودية، وإسهام المملكة في جامعة إفريقيا العالمية، إلى جانب التعاون في ميدان الثقافة الواسع عبر البرامج التلفزيونية والإذاعية والمنتديات والمهرجانات وغيرها.
وتطورت العلاقة بين البلدين خلال الأعوام الأخيرة في المجال الاقتصادي، حيث يسعى الجانبان لرفع مستوى العلاقات الثنائية، وذلك من خلال الاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة التي يوفرها اقتصادا البلدين، بالتركيز على القطاعات الاقتصادية ذات المزايا التفضيلية والنسبية، إضافة إلى تحسين العلاقات في جميع المجالات المختلفة.
ووصل حجم الاستثمارات السعودية المصادق عليها من الجانب السوداني في الفترة من العام 2000 حتى 2020 إلى 35.7 مليار دولار، نفذت منها على أرض الواقع مشروعات بنحو 15 مليار دولار، وتعمل الحكومة السودانية على تسهيل دخول الاستثمارات السعودية وإزالة العوائق التي تواجهها كافة.
وتعد المملكة من أوائل الدول العربية التي استثمرت في السودان، وتتميز الاستثمارات السعودية في السودان بتنوعها، إذ تشمل المجالات الزراعية والصناعية والخدمية.
وبلغت صادرات المملكة إلى السودان في 2021، 1.8 مليار ريال من الصادرات النفطية، و2.6 مليار ريال من الصادرات غير النفطية، فيما بلغت واردات المملكة غير النفطية من السودان 1.28 مليار ريال.
ونظرا للتطورات التي شهدتها السودان أخيرا، طلبت المملكة ومصر في أبريل الماضي، عقد اجتماع عاجل لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة مصر، لبحث تطورات الوضع في السودان.
وإنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، بمتابعة ورعاية مواطني المملكة في السودان إضافة إلى رعايا الدول، بدأت وزارة الخارجية في 22 أبريل 2023، إجلاء المواطنين السعوديين وعديد من رعايا الدول من السودان إلى المملكة، حيث بلغ إجمالي من تم إجلاؤهم من السودان منذ بدء عمليات الإجلاء نحو 8498 شخصا منهم 278 مواطنا، ونحو 8220 شخصا ينتمون لـ110 جنسيات.
وحرصا على مصالح الشعب السوداني وحقن دمائه استضافت المملكة في جدة 6 مايو الجاري، ممثلين عن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم، وقد حثت المملكة والولايات المتحدة الأمريكية الطرفين على الانخراط بجدية في المحادثات، وذلك لتحقيق الأهداف التالية: تحقيق وقف فعال قصير المدى لإطلاق النار، والعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة، واستعادة الخدمات الأساسية، ووضع جدول زمني لمفاوضات موسعة للوصول لوقف دائم للأعمال العدائية.

سمات

الأكثر قراءة