سفينة باولو
الذي يفتش في سيرة القياديين الناجحين لا بد أن يكتشف أن الخطأ رافقهم في مراحل كثيرة من حياتهم المهنية، بل قد يكون حجر الزاوية في بروزهم وتمكينهم مما هم فيه. ولو سئل أحدهم عن ممارسة الأخطاء لقالوا: شكرا للأخطاء التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه.
للروائي البرازيلي الكبير باولو كويلو مقولة جميلة، "إن السفينة آمنة على الشاطئ، لكنها ليست من أجل ذلك صنعت". وهذه حكمة عظيمة عميقة عندما نأخذها من زاوية العمل الإداري. فممارسة النجاح والفشل في العمل وجهان لعملة واحدة، فالفشل هنا درس لتصحيح المستقبل والنجاح عبور لبوابة أخرى.
لا يوجد ـ في نظري الشخصي ـ قائد يدعم الموظف المتردد الذي يكره التجديد وممارسة التحديث وطرح الآراء المختلفة. فالشخصية التي تعمل دون أن تفكر خارج الصندوق، ستبقى أسيرة للروتين وتحديدا تتربع في منطقة الراحة. هذه الفئات تمر الأعوام وهي في مكانها والفرص تلوح لها دون أن تحجز مقعدا في قطار التميز.
قد يأتي من يقول إن الحذر واجب وإن للأخطاء ضريبة يدفعها من ارتكبها والجهات الرقابية تتابع وترصد وهذا ما يجعل الموظفين مترددين. وهذا صحيح ولكن تختلف من خطأ إلى آخر ولا يمكن وضع الأخطاء في سلة واحدة، وإلا لما وجد الإبداع. فالإبداع الإداري مدخل لتنفيذ المهام بأساليب مختلفة وبنتائج مبهرة.
للشاعر أبو جعفر المنصور بيت شعر عظيم يندرج ضمن فتح مساحة للرأي وعدم التردد حيث يقول:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا
بالمختصر الأخطاء أول عتبة في درج التعلم وهذا يحتاج إلى إقدام بمهنية واحترافية.