المال كائن حي

لا أتوقع منك تصديق ذلك، ولكنني أطلب منك التصرف مع المال ككائن حي يملك مشاعر وأحاسيس. فرأس المال ليس جبانا فقط ـ كما يقال ـ بل ذكيا، وعاشقا، وعزيزا، ويتصرف بمزاجية وعناد.
فرأس المال "جبان" لأنه يرفض الدخول في استثمارات عالية المخاطر أو لا يعرف عنها شيئا. جرب عرض مشروع جديد على رجل أعمال كبير في السن، ستواجه في الأغلب بالرفض لأنه ببساطة يخشى المخاطرة في مجال لا يفهمه أو لا يعرف عنه شيئا.
ورأس المال "ذكي" لكونه يتجه دائما إلى المشاريع الواعدة، والمبادرات الرائعة، وفرص النمو الكبيرة. فبعكس المستثمر الجبان، هناك مستثمرون مغامرون، ورؤوس أموال جريئة تميز الفرص الرائعة فتسارع للاستثمار فيها وتبنيها منذ البداية!
ورأس المال "عاشق ومزاجي" لأنه يحب من يحبه، ويكره من يذمه، ويتعامل بمزاجية مع من يطارده ويركض خلفه. لاحظ بنفسك كيف أن هناك عائلات محظوظة تنجح معها المشاريع الجديدة، وعائلات منحوسة يفشل معها كل شيء مهما فعلت. الفرق يكمن في التربية، واختلاف النظرة، وهل يتخذون من المال موقفا إيجابيا يستقطب الفرص الناجحة "أم سلبيا يطردها". فحين تتم تربيتك على أن "المال أصل الشرور" أو أن "القناعة كنز لا يفنى"، سيتشبع بها عقلك الباطن فيغلب عليك جانب التخاذل والتراجع واختيار الوضع الآمن. وحتى حين "تبدأ التنفيذ" تتراجع بسرعة، وتتوقف عن إكمال المسيرة، وتميل إلى الحديث عن المقدر والمكتوب والرضا بالمقسوم!
لكي تفهم المال، تصرف معه ككائن حي لا يتحمل التجاهل والإهمال. علاقتك معه لا يمكن أن تنجح حين تجهل طرق استثماره وحمايته وتوفير بيئة آمنة لتكاثره. الحظ والنحس لا يأتيان من فراغ، وموقفك من المال "وطرق تحصيله" ينعكس على دخلك ورصيدك وفرصتك في بناء الثروة. فالمال مجرد مرآة تعكس مواقفنا وأفكارنا ومهارتنا في الإدارة والاستثمار ـ ولهذا السبب تعتقد أنه يتصرف معك بطريقة لا تشبه بقية الناس!
ومن خلال هذا كله يمكننا استنتاج ثلاث صفات مجازية للمال:
الصفة الأولى، إنه "جبان" يهرب من الاستثمارات الغامضة والمجهولة وغير المدروسة جيدا.
الثانية، إنه "ذكي" ينجذب للأفكار الرائعة والمشاريع الواعدة والمواقع التي تساعده على النمو والتكاثر.
الثالثة، إنه "مزاجي" يتعامل معنا بالمثل.. يطارد من يطارده، ويهرب ممن يهرب منه، ويعاند من يترفع عليه.
قد لا تصدق ذلك، ولكن أول خطوة لتصحيح علاقتك بالمال هي أن تتصرف معه ككائن حي، وتتعامل معه كمراهق نزق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي