تكافؤ الفرص مع إفريقيا في مسألة التمويل «2 من 2»
يمكن لمؤسسات مالية الاستفادة من تصنيفات AAA الخاصة بها لزيادة رأس المال المعبأ بمعامل ثلاثة إلى أربعة، وتحويل، على سبيل المثال، 20 مليار دولار من المشاريع الممولة بحقوق السحب الخاصة إلى 60 ـ 80 مليار دولار، بشروط أفضل بكثير من تلك المقترحة في الأسواق التجارية.
من المؤكد أن وجود قطاع خاص أكثر ديناميكية وأوسع نطاقا من شأنه أن يوفر حلا طويل المدى. لكن، في الوقت الحالي، تعاني الحكومات الإفريقية وضعا غير موات في الأسواق الخاصة، حيث تواجه تكاليف رأسمالية أعلى، لأسباب أهمها الاعتبارات الذاتية والتمييزية. وعند المقارنة بين أقساط المخاطر للدول الإفريقية وغير الإفريقية ذات التصنيفات الائتمانية المماثلة، نلاحظ فروقا تراوح بين 150 وأكثر من 650 نقطة أساس، ما يعكس أحيانا نقصا في المعرفة الميدانية والأحكام الذاتية.
وهناك حاجة ماسة إلى عقد مؤتمر يجمع بين وكالات التصنيف الائتماني، والمستثمرين، والحكومات الإفريقية، لمعالجة هذا التمييز الذي لا يحتمل -والذي يكبح عجلة التقدم- بصفة نهائية. مجددا، لن تكون هذه الخطوة صدقة أو معاملة خاصة، بل ستؤدي إلى إيجاد أرضية تتسم بتكافؤ الفرص، بحيث يمكن للحلول التي تقودها إفريقيا أن تنجح. وستؤدي إزالة "أقساط المخاطر في إفريقيا" إلى إطلاق رأس المال الذي تشتد الحاجة إليه للاستثمار في مجال التنمية الخضراء، بما في ذلك عملية التحول إلى الطاقة النظيفة.
ويعد التحالف من أجل البنية التحتية الخضراء في إفريقيا إحدى المبادرات الإفريقية التي من شأنها أن تعزز هذا الهدف. وكشف بنك التنمية الإفريقي، والاتحاد الإفريقي، وإفريقيا 50، وشركاء آخرون في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ المنعقد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في مصر "كوب 27"، أن التحالف يسعى إلى جمع 500 مليون دولار في شكل منح، وموارد ميسرة، وتمويل مختلط وتجاري لتمويل المرحلة المبكرة من إعداد المشاريع وتطوير رأس المال فيما يتعلق بالمبادرات الخضراء. وعن طريق التخفيف من أسعار الفائدة المرتفعة وانعدام الرغبة في المخاطرة في إفريقيا، سيؤدي ذلك إلى إنشاء سريع لمجموعة كبيرة من المشاريع الخضراء القابلة للتمويل. ويهدف التحالف إلى الإفراج عما لا يقل عن عشرة مليارات دولار في استثمارات البنية التحتية الخضراء.
وتبذل جهود مماثلة في أماكن أخرى. وخير مثال على ذلك مبادرة "بريدجتاون" الطموحة التي أطلقتها رئيسة وزراء بربادوس، ميا أمور موتلي، لإيجاد مساحة مالية إضافية للتنمية، فضلا عن التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه ومن الخسائر والأضرار الناجمة عنه. وهناك مجموعة أخرى هي مجموعة V20 للدول النامية المعرضة للتأثر بالمناخ، التي يترأسها حاليا كين أوفوري ـ أتا وزير المالية الغاني.
وتوفر الأشهر المقبلة عديدا من الفرص لتحقيق إنجازات هائلة. وكانت اجتماعات البنك الإفريقي للتنمية التي انتهت في شرم الشيخ الأسبوع الماضي نقطة انطلاق مهمة. وستعقد في الشهر المقبل قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد، وهو مؤتمر دولي كبير لتمويل التنمية والاستثمار الأخضر. وفي أيلول (سبتمبر) ستعقد قمة قادة مجموعة العشرين في نيودلهي، وهو حدث لا تزال إفريقيا تحتاج إلى تلقي دعوة لحضوره، مع أنها تتمتع بثقل اقتصادي وديموغرافي يخولها العضوية الدائمة "ممثلة برئيسي الاتحاد الإفريقي ومفوضية الاتحاد الإفريقي، كما هو الحال مع الاتحاد الأوروبي اليوم". ولدى هذه التجمعات القدرة على وضع إفريقيا على مسار جديد. والدعم الدولي أمر بالغ الأهمية، لكن القارة هي نفسها من يجب أن يرسم هذا المسار ويتولى إدارته.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.