أسعار النفط تهبط مع تراجع توترات الشرق الأوسط

شهدت أسعار النفط تذبذبات حادة خلال الأسبوع الماضي، حيث أدى مزيج من الأخطار الجيوسياسية، ضعف الطلب من الصين وارتفاع الإنتاج الأمريكي إلى خلق سوق ذات اتجاهين. مع ذلك، سجلت أسعار النفط مكاسب أسبوعية بنحو 4 % مدفوعة بالمخاوف من انقطاع الإمدادات في الشرق الأوسط حتى مع استمرار مخاوف الطلب في التأثير على أسواق النفط. أنهت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط الأسبوع عند 76.05 و 71.78 دولار للبرميل على التوالي.

كان العامل الرئيسي الداعم لأسعار النفط هو الصراع المستمر في الشرق الأوسط. وأدت المخاوف بشأن احتمال حدوث انقطاعات في الإمدادات من المنطقة إلى إبقاء الأسعار مرتفعة. وتظل إيران، وهي لاعب رئيسي في إنتاج النفط العالمي، محورية لهذه المخاوف حيث إن احتمال اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقا يجعل المتداولين قلقين بشأن الانقطاعات المحتملة لإمدادات النفط.

لكن، جهود الولايات المتحدة للوساطة في وقف إطلاق النار في غزة خففت مؤقتا من هذه المخاوف، ما أدى إلى انخفاض قصير في الأسعار. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى حل واضح، إلى جانب عدم اليقين بشأن التطورات المستقبلية في المنطقة، أبقى أرضية تحت أسعار النفط. من جهة أخرى، كان تأثير الهجمات الإسرائيلية في إيران محدود على أسواق النفط، بعد أن تجنبت الضربة التي تمت خلال عطلة نهاية الأسبوع، البنية التحتية النفطية والنووية لإيران ولم تعطل إمدادات الطاقة.

أدت هذه التهدئة النسبية للتوترات بين إسرائيل وإيران إلى الحد من خطر حدوث انقطاع كبير في الإمدادات في المنطقة، ما دفع أسواق النفط إلى إعادة التركيز على الأساسيات. والحقيقة أن بقاء الطاقة الإنتاجية الاحتياطية "لأوبك بلس" مرتفعة لن يؤدي إلا إلى زيادة الضغوط الهبوطية على أسعار النفط.

وبالفعل، هبطت أسعار النفط بشكل كبير في بداية هذا الأسبوع بعد أن أدى رد الفعل الإسرائيلي المحدود على الهجوم الإيراني إلى إقناع الأسواق بأن التصعيد الكبير في الصراع غير مرجح، وهو ما ألغى تقريبا معظم علاوة المخاطر الجيوسياسية. عمّقت أسعار النفط خسائرها خلال تعاملات الإثنين، وعند التسوية هبطت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط بأكثر من 5.25 % إلى 72.06 و 68.00 دولار للبرميل على التوالي.

يأتي ذلك بعدما خفض محللو بنك "سيتي جروب" توقعاتهم لسعر خام برنت بمقدار 4 دولارات إلى 70 دولارا للبرميل خلال الربع الأخير من العام الحالي، ورجحوا عدم تأثير الصراع في الشرق الأوسط على إمدادات النفط.
في الوقت نفسه، تستمر عوامل أخرى في التأثير على السوق مثل توقعات الطلب على النفط التي كانت تثقل كاهل الأسعار لفترة من الوقت، حيث يركز المتداولون على الصين والولايات المتحدة واتجاه النمو الاقتصادي في كلا البلدين.

وكشفت التقارير الأخيرة انخفاض إنتاج المصافي في الصين للشهر السادس على التوالي، مع انخفاض الواردات بنسبة 0.6 %، مما يشير إلى انكماش مستمر في الطلب. في الأشهر الأخيرة، ترك تباطؤ إنتاج مصافي التكرير في الصين فائضا يبلغ نحو مليون برميل يوميا. السوق حذرة، حيث إن فترة طويلة من الطلب الضعيف من أكبر مستورد في العالم قد تؤدي إلى إضعاف توقعات الطلب العالمي على النفط.

في الأمد القريب، قد تستمر سوق النفط في إظهار اتجاه هبوطي بسبب ضعف الطلب، وخاصة من الصين، إلى جانب تراجع أخطار الصراع في الشرق الأوسط. ينبغي للمتداولين أن يتوقعوا استمرار الضغوط الهبوطية ما لم تتحسن الظروف الاقتصادية في آسيا أو تتصاعد التوترات الجيوسياسية على نحو يهدد بشكل مباشر البنية الأساسية لإمدادات النفط.

ويظل الخطر في الأمد القريب يميل نحو مزيد من الانخفاض في أسعار النفط مع تراجع مخاوف العرض وفشل نمو الطلب في مواكبة التوقعات. ومع ذلك، فإن أي تصعيد آخر في الصراع في الشرق الأوسط قد يتسبب في ارتفاع الأسعار بشكل خاص إذا تم جر أطراف أخرى إلى الصراع، حيث يظل السوق حساس للغاية للأخبار المقبلة من المنطقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي