الأسواق ومسببات العودة للدعم
حققت السوق السعودية، الخميس الماضي، قمة فوق مستوى 11570 نقطة. شهدت السوق خلالها ارتفاع أحجام التداول والسيولة معا، حيث تجاوزت السيولة تسعة مليارات ريال، وهي مستويات لم تحققها السوق منذ فترات طويلة. وهي إشارة إلى أن هذه المنطقة ستكون قمة ومقاومة مستقبلا، حيث يعد ارتفاع السيولة بعد صعود إحدى الإشارات الفنية السلبية، وصعدت السوق 570 نقطة بعد ارتدادها من منطقة 11 ألفا بشكل متواصل، ودون عمليات جني أرباح تذكر.
حاليا، ارتدت السوق من منطقة 11350 نقطة، باعتبارها إحدى مناطق الدعم القريبة، لكن يحتاج هذا الارتداد إلى ثبات السوق فوقها للعودة لاختراق القمة المحققة فوق 11570، وإلا ستكون السوق مرشحة لاختبار مناطق الدعم التالية، منها منطقة متوسط 50 يوما عند 11230وعند 11150 و11 ألفا، بينما تعد منطقة 10800 هي أهم المناطق للمحافظة على الإيجابية والموجة الصاعدة الأخيرة التي بدأتها السوق من منطقة 9900 نقطة.
عادة تشهد السوق بعض التذبذبات مع نهاية كل ربع سنوي وقرب بدء موسم إعلانات الشركات، كذلك تشهد السوق بعض موجات البيوع البسيطة مع قرب مواسم الإجازات، منها إجازة عيد الأضحى المبارك، وحاجة بعض المتداولين إلى تسييل جزء من محافظهم، لذلك ما يحدث من تراجعات للسوق حتى الآن يعد أمرا طبيعيا طالما تتداول السوق فوق منطقة دعمها الأهم التي ذكرناها. ومن ضمن العوامل التي أسهمت في عمليات جني الأرباح التي حدثت في عموم الأسواق، ولم تكن السوق السعودية بمنأى عنها، تصريح رئيس "الفيدرالي الأمريكي" جيروم باول، الجمعة، بأن بقاء أسعار الفائدة قد يستمر أعواما وهي مرتفعة، كذلك تلميحه إلى حاجة "الفيدرالي" إلى عمليتي رفع للفائدة خلال العام الجاري، ما يعني رفع الفائدة مجددا بمقدار نصف نقطة أساس. الأمر الذي ترجمته الأسواق بشكل سلبي، ما تسبب في اختتامها آخر جلسات الأسبوع الماضي على تراجعات.
من جهة أخرى، ارتد مؤشر الدولار بعد تصريحات رئيس "الاحتياطي الفيدرالي"، الجمعة، حيث تلقى الدولار بعض الدعم من خلال الإشارة إلى رفع الفائدة مستقبلا. وبالنظر إلى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 SPX، فمن الناحية الفنية كان مرشحا للتراجع بعد وصوله إلى سقف القناة الصاعدة التي بدأها منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي عند 4450 نقطة التي تحدثنا عنها في الأسبوع الماضي، لكونها مستهدفا فنيا. أيضا وصل مؤشر الخوف VIX إلى مستويات متدنية عند منطقة 13، وهي منطقة دعم قوية لم يتراجع لها المؤشر منذ ثلاثة أعوام، وتحديدا منذ شباط (فبراير) 2020، الأمر الذي يستدعي الحذر، حيث يعمل المؤشر باتجاه عكسي مع الأسواق، ووصوله إلى مناطق دعم يعني إمكانية ارتداده لأعلى بأي وقت، ما سيكون سببا في تراجع الأسواق عموما، ويقيس مؤشر الخوف، العقود المستقبلية للشراء والبيع، ونعرف من خلاله نفسية المستثمرين ومدى تفاؤلهم وارتياحهم للسوق من عدمه.
من زاوية أخرى، فرغم الضغوط التي تحيط بالأسواق من عمليات رفع للفائدة واستمرار التضخم وتباطؤ تراجعه، إلا أن الأسواق حققت ارتفاعات مجزية منذ بداية العام الجاري، وأي تراجعات لها ستكون طبيعية طالما استطاعت المحافظة على مناطق دعمها المهمة، أما في حال كسر الدعم، فقد تمحو الأسواق إيجابيتها المحققة منذ بداية العام.