تقنية واعدة لوسائل النقل
تتنوع الحلول الابتكارية من خلال الأفكار الإبداعية طالما هناك حاجة تستوجب ذلك، فعندما يواجه الناس تحديات أو مشكلات معينة، يمكن أن تساعد الأفكار الابتكارية على تطوير حلول فريدة وفاعلة لتلبية تلك الحاجة، ويمكن أن تتضمن هذه الأفكار تطبيقات وتقنيات تكنولوجية جديدة، أو استخدام الموارد بطرق مختلفة، أو تبني مناهج غير تقليدية للحلول، وبالتالي يمكن أن تؤدي أيضا إلى حلول مبتكرة ومتنوعة، حيث تعد الأفكار الابتكارية والإبداعية حلا مهما لتلبية كثير من الاحتياجات والتحديات المختلفة في كثير من المجالات، من ذلك -على سبيل المثال- مجال التكنولوجيا النظيفة، هناك حاجة ملحة إلى حلول ابتكارية تعتمد على التكنولوجيا النظيفة، مثل الطاقة المتجددة وتقنيات إدارة النفايات والتنقل الأكثر فاعلية من حيث استهلاك الوقود، في ظل التحديات البيئية التي نواجهها. وكذلك في مجال الصحة تحتاج صناعة الرعاية الصحية، إلى حلول ابتكارية لتحسين الخدمات عموما. وفي مجال التعليم، هناك حاجة إلى حلول ابتكارية لمواجهة التحديات في توفير تعليم شامل وفاعل. وكذلك في مجال النقل، بحاجة إلى حلول ابتكارية لمعالجة كثير من المشكلات والتحديات التي يعانيها في هذا المجال، مثل تحديات الازدحام المروري والتلوث، والحاجة إلى النقل العام الذكي، والمشاركة في استخدام السيارات، وتطبيقات الملاحة الذكية، هذه مجرد أمثلة قليلة من المجالات التي يمكن أن تستدعي حلولا ابتكارية. عموما، إن التحديات مستمرة وتتطلب تفكيرا إبداعيا لإيجاد حلول جديدة وفاعلة. في هذا المقال سأتحدث عن أحد الأمثلة لمواجهة التحديات في مجال الصناعة، خصوصا في مجال صناعة النقل، كحل ابتكاري، هذا المثال هو تقنية الهايبرلوب، والآثار الإيجابية لاستخدامها في نواح مختلفة.
تعد تقنية الهايبرلوب Hyperloop أحد أنظمة النقل المستقبلية المقترحة التي يهدف من خلالها، إلى توفير وسائل نقل سريعة وفاعلة، تم تصميمها كنظام نقل فائق السرعة عن طريق استخدام أنابيب مغلقة للنقل سواء كركاب أو بضائع، بسرعة فائقة تصل إلى 1200 كيلومتر في الساعة. فكرة هذه التقنية تعتمد على مفهوم الهواء منخفض الضغط داخل أنبوب مغلق، حيث يتم إنشاء بيئة هوائية ذات ضغط منخفض جدا داخل الأنبوب، ما يقلل من مقاومة الهواء ويسمح بالانتقال إلى داخله بسرعة عالية دون الشعور بالاهتزازات أو التأثيرات الجانبية، ودون الحاجة إلى كثير من الطاقة، بالاعتماد على أنظمة التعليق المغناطيسية، حيث يتم تعليق كبسولة داخل الأنبوب باستخدام هذه الأنظمة، ونظام كهربائي يتم من خلاله التحكم في القوة المغناطيسية وارتفاع الكبسولة، إضافة إلى أجهزة للاستشعار. لذا تعد تقنية الهايبرلوب أحد الابتكارات الواعدة في عالم النقل. ويجري حاليا عديد من التجارب والأبحاث لاختبارها وتطويرها، بهدف جعلها جزءا من واقع النقل في المستقبل القريب، من قبل شركات عدة، مثل: شركة فيرجن هايبرلوب الأمريكية، التي أسست في 2014، وهي واحدة من الشركات الرائدة في تطوير تقنية الهايبرلوب وتنفيذها على مستوى العالم، وشركة تقنيات النقل هايبرلوب الأمريكية التي أسست أيضا في 2013، وتعمل على تطوير تقنية الهايبرلوب، وبناء البنية التحتية اللازمة لها، وهناك شركة ترانس بود، إحدى الشركات الكندية التي أسست في 2015، وشركة هاردت هايبرلوب الهولندية التي أسست في 2016، وهناك أيضا عديد من الشركات البحثية التطويرية التي تعمل في هذا المجال، وجميعها تعمل على تطوير نظام نقل الهايبرلوب، بهدف تحقيق نقل مستقبلي سريع ومستدام للركاب والبضائع بين المدن.
وفي السعودية، تعد رؤيتها 2030 خطة شاملة لتطوير وتحديث الاقتصاد الوطني وتنويعه، وتضم من جملة أهدافها أهدافا طموحة في مجال النقل والتشجيع على اعتماد تقنيات ابتكارية حديثة لتحسين النقل العام وتقليل وقت السفر، ومن ضمن الآليات لتحقيق تلك الأهداف، إبرام الاتفاقيات والشراكات المتعددة والمتخصصة، حيث تم إبرام عديد من الاتفاقيات بين الجهات ذات العلاقة من وزارات وهيئات وجامعات، وبين بعض الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، مثل الاتفاقية المبرمة بين شركة فيرجن هايبرلوب ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، التي تشتمل على مركز للتميز للبحث والتطوير لنظام النقل هايبرلوب فائق السرعة، وغيرها. وأرى أن هذا التوجه لتبني واستقطاب مثل هذه الأفكار الإبداعية والابتكارية لتطوير صناعة للنقل من خلال التخطيط والتنفيذ الجيد واستخدام التقنيات المناسبة مع ضمان الأمن والسلامة، ونشر ثقافة الابتكار لمثل تلك التكنولوجيا الابتكارية وغيرها وتوطينها، سيكون مفيدا ويحقق مزيدا من التنمية المستدامة وسيعزز لكثير من الأنشطة الاقتصادية والبيئة والسياحية والاجتماعية، وسيجعل من المملكة دولة ابتكارية عصرية، ومحط كثير من الأنظار الاستثمارية الدولية.