مؤشرات أسعار النفط بعد تخفيضات «أوبك +»

ارتفعت أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي مسجلة أعلى مستوياتها في تسعة أسابيع بعد إعلان المملكة تمديد الإنتاج الطوعي إلى آب (أغسطس)، وتعهد روسيا بخفض الصادرات للفترة نفسها. في الوقت نفسه، أدت قوة الطلب إلى تراجع أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية، ما دفع أسعار خام برنت فوق 78 دولارا للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط إلى مستوى قريب من 74 دولارا للبرميل. حتى الآن، لا توجد أسباب مقنعة لتوقع انهيارها، لذلك قد يزداد نشاط المتداولين كلما تحركت الأسعار صعودا أكثر.
مع ذلك، ظل الاتجاه الصعودي محدودا، حيث أصبحت احتمالية رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة جزءا من التوقعات السائدة. إضافة إلى ذلك، لا تزال المخاوف بشأن نمو معدلات الفائدة الرئيسة في الدول الغربية عاملا مهما للضغط على سوق النفط.
في الوقت نفسه، واصل المشاركون في السوق تقييم ما قد يؤثر فيها بشكل أقوى: التخفيضات الجديدة من "أوبك+"، أو تباطؤ نشاط التصنيع في أوروبا والصين. كان ميزان المشترين والبائعين، مستقرا نوعا ما، ما سمح للأسعار بالحد من التقلبات ولو لفترة قصيرة فقط.
في الواقع، هناك دعم من "أوبك+" تم التعبير عنه في خفض طوعي للإنتاج، لكن السوق تشهد الآن ضعفا نسبيا في الطلب. الصين نفسها لا ترقى إلى مستوى التوقعات كمستهلك قوي للنفط: كان تعافي الاقتصاد الصيني بعد رفع قيود فيروس كورونا أكثر تباطؤا بشكل ملحوظ مما كان متوقعا. أظهر مسح للقطاع الخاص الأسبوع الماضي، أن نشاط الخدمات في الصين نما في حزيران (يونيو) بأبطأ وتيرة في خمسة أشهر، حيث أثر ضعف الطلب في الانتعاش الاقتصادي في البلاد بعد الوباء. كانت القفزة في طلب الصين على النفط في بداية العام إلى حد كبير لتعويض الخسائر بعد خريف العام الماضي.
في غضون ذلك، كشفت محاضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي من الشهر الماضي، أن البنك المركزي الأمريكي لا يزال مصمما على مواصلة رفع أسعار الفائدة حتى يضغط على مستويات التضخم. يعد هذا اتجاها هبوطيا لأسعار النفط، لكن يبدو أن تطورات العرض تتعارض مع هذا التأثير في الوقت الحالي.
بالفعل، يتابع المشاركون في السوق خطاب "الاحتياطي الفيدرالي" الأمريكي، حيث إن مسار معدل الفائدة الرئيس مهم للتنبؤات الخاصة بالاقتصاد العالمي والطلب على الوقود. يوفر محضر بنك الاحتياطي الفيدرالي مزيدا من المعلومات حول كيفية اتخاذ قرار سعر الفائدة في الاجتماع الأخير، وما التوقعات؟ وما الذي ينتظر الأسواق؟ وعلى من تعتمد السياسة النقدية للجهة التنظيمية؟
بشكل عام، تم تأكيد توقعات السوق بأن معدل الذروة لم يصل بعد. في اجتماع تموز (يوليو) تنتظر السوق زيادة أخرى بمقدار 25 نقطة أساس، وبعدها قد تظل معدلات الفائدة عند مستوى 5.25 إلى 5.5 في المائة حتى نهاية العام.
هذا يحافظ على مستوى معتدل من القلق بسبب الركود المحتمل والطلب على النفط. تظهر الإحصاءات في الدول المتقدمة تباطؤا ملحوظا في النشاط التجاري، لكنه ليس بالغ الأهمية حتى الآن. في الأشهر المقبلة، ستواصل السوق مراقبة الإحصاءات والإشارات الاقتصادية من البنوك المركزية العالمية من كثب. قد تكون الانحرافات عن التوقعات مصحوبة بتقلبات في تداول العقود الآجلة للنفط.
من جانب العرض، أعلنت المملكة بداية الأسبوع الماضي تمديد خفض إنتاجها الطوعي البالغ مليون برميل يوميا حتى أغسطس. وستنتج السعودية نحو تسعة ملايين برميل يوميا في يوليو وأغسطس بعد تمديد الخفض الطوعي إلى الشهر المقبل. وقالت المملكة "يأتي هذا الخفض الطوعي الإضافي لتعزيز الجهود الاحترازية التي تبذلها دول (أوبك+) بهدف دعم استقرار وتوازن سوق النفط".
بعد دقائق من الإعلان السعودي، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، إن روسيا ستخفض صادراتها من النفط الخام بمقدار 500 ألف برميل يوميا في أغسطس في محاولة لضمان توازن السوق. كما أعلنت الجزائر خفضا بواقع 20 ألف برميل في اليوم. وبذلك، يبلغ إجمالي تخفيضات "أوبك+" حاليا أكثر من خمسة ملايين برميل يوميا، أو ما يعادل 5 في المائة من مجمل إنتاج النفط العالمي.
في هذا الجانب، قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، خلال كلمته في الندوة الدولية الثامنة لمنظمة "أوبك" في فيينا، "إن بيانات وكالة الطاقة الدولية ومراجعاتها تؤدي إلى اختلال في السوق، موضحا أن خفض الصادرات الروسية كان قرارا طوعيا ولم يفرض عليهم، مشددا على أن التخفيض المتزامن للمعروض من قبل المملكة وروسيا يظهر متانة التعاون بين البلدين. وأشار إلى أن البعض يتساءل بشأن تحرك السعودية لإجراء خفض طوعي في الإنتاج، متابعا: جوابي بسيط جدا. كان علينا أن نفعل ذلك لأنه كان هناك طلب آخر من السوق أكثر إلحاحا أو توقع آخر ضروري أكثر بأن على "أوبك+" التصرف. وأضاف "إنه بفضل التوافق في الرأي بين دول (أوبك+) وبالتغييرات المستحدثة سنتمكن من معالجة الأوضاع، ولدينا الأدوات الكافية لذلك، وسنقوم بكل ما هو ضروري ونطمئن العالم بأن (أوبك) ستواصل جهودها لتزويد الأسواق ودعمها وضمان الإمدادات".
وعلى صعيد أسواق النفط، سجلت أسعار الخام ارتفاعات ملحوظة عقب تصريحات وزير الطاقة السعودي، وكبار منتجي النفط، في مؤتمر "أوبك" في فيينا، التي دللت على تماسك أعضاء "أوبك" و"أوبك+". من جانب آخر، ساعدت بيانات المخزون من الولايات المتحدة على تخفيف المخاوف بشأن الطلب، حيث أبلغت إدارة معلومات الطاقة عن سحب من المخزون أكبر من المتوقع بمقدار 1.5 مليون برميل. انخفضت أيضا المخزونات في احتياطي البترول الاستراتيجي بمقدار 1.5 مليون برميل، ما رفع إجمالي الانخفاض في الاحتياطيات إلى ثلاثة ملايين برميل. على الرغم من أنه كان أقل بكثير من سحب المخزون المقدر للأسبوع الذي سبقه، الذي جاء عند 9.6 مليون برميل، كان سحب المخزون الأسبوع الماضي هو الثالث على التوالي، ما عزز الانطباع بوجود بيئة طلب أقوى في أكبر مستهلك للنفط في العالم. في المجمل كان تقرير إدارة معلومات الطاقة إيجابيا. ما يدعم التفاؤل بشأن توقعات السوق في الأسابيع المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي