الطائف .. ذكريات الميزانية والحاضر الجميل

تعودت خلال الأعوام الماضية أن أقضي الجزء الأهم من إجازتي الصيفية في الطائف المأنوس، حيث الجو المعتدل والموقع المتوسط وقربها من مكة المكرمة، وأحرص وتحرص أسرتي على الاجتماع هناك لقناعتي بأهمية أن نهيئ الظروف لتتكون ذكريات جميلة في ذهن الناشئة عن بلادهم، وألا نترك الذكريات الجميلة والرحلات التي تبقى في أذهانهم مقتصرة على مصايف العالم دون بلادهم.
واعتدت حين أعود من الإجازة أن اكتب عن جوانب عديدة من جمال الطائف والأماكن التي يتم إنشاؤها من قبل الدولة أو القطاع الخاص، لكنني اليوم أضيف إلى ذلك ذكريات عن أوائل زياراتي لتلك المحافظة الجميلة قبل نحو خمسة عقود، إذ كنت حينها موظفا في وزارة المالية والاقتصاد الوطني، وكانت ميزانية الدولة تعلن من الطائف لانتقال الحكومة إلى المصيف الأول وموعد إعلان الميزانية الأول من رجب، وكنت أتشرف بكوني جزءا من فريق وزارة المالية الذي ينتقل إلى الطائف برئاسة الوزير الأمير مساعد بن عبدالرحمن، ثم الشيخ محمد أبا الخيل، وفريق الميزانية المكون من الأساتذة: إبراهيم حكيم، وغازي توفيق، وعمر بغدادي، وغيرهم من موظفي الميزانية في الوزارة ـ والمؤمل من الذين لديهم تواصل مع الثلاثة الذين ذكرتهم إبلاغهم تحيات زميلهم القديم.
وكان إعلان الميزانية يحاط بسرية تامة، حيث يتم استدعاء الزميل الإعلامي بدر كريم، لتسجيل الميزانية صوتا وصورة، ثم تراجع من قبل المسؤولين، ثم يحمل الأشرطة معه، حيث تذاع الميزانية في الوقت المحدد.
أما سكن جميع المسؤولين الحكوميين من أمراء ووزراء وغيرهم فيكون في فندق العزيزية الواقع في برحة القزاز "بالقرب من الموقع الحالي" وصاحبه السيد عبدالقادر إدريس، الفندق الوحيد المناسب لسكن كبار الزوار، الذي يحرص على البقاء طوال اليوم للإشراف على راحة الجميع، بل يقيم لهم وليمة أو أكثر "في بهو الفندق أو فوق سطحه" تضم الأكلات الشعبية الطائفية المعروفة بتنوعها ولذتها.
ولقد زرت ذلك الفندق الأسبوع الماضي حينما كنت في الطائف، وجلست في بهوه أستعيد الذكريات والتقطت صورا، فوجدت الأماكن مشبعة بالذكريات، وشعرت أنها تحتفظ بالمشاهد، وتتذكر كما نتذكر، وأنست بحسن الاستقبال من موظفي الاستقبال، وعلمت أن ملكية الفندق قد انتقلت إلى مالك جديد.
وأخيرا، عن الحاضر الجميل للطائف، أقول إن هناك كثيرا من الأماكن التي يشعر من يزورها بالراحة والبساطة وكأنه في مزرعته الخاصة، وأعني بها مزارع الورد والفراولة التي فتحها أصحابها للزوار، ويقابل أصحاب هذه المزارع، الزائرين بحفاوة وبشاشة تزيد من جمال المكان، وذلك التطور الجميل والخيارات المتنوعة في السكن والمأكل والتنزه الذي تعددت خياراته وارتقت خدماته، وصار مكملا للتجربة السياحية التي تنشدها الأجيال مع أهمية الاستمرار في هذا الحرص المقدر للجهات الحكومية والأهالي على المحافظة على هوية الطائف ورونقها الذي ميزها عن غيرها.
هذا بالنسبة إلى مشاريع القطاع الخاص، أما الأماكن الحكومية فهي عبارة عن حدائق جميلة تأتي في مقدمتها حديقة الردف بأشجارها ونوافيرها وخدماتها العديدة وأسواقها الشعبية التي يجد فيها جميع أعضاء الأسرة ما يريدون، إضافة إلى الألعاب بأنواعها.
وفي الطائف تنتشر المطاعم المتطورة، وتقام بعضها في مزارع منسقة وجميلة، وتضاف إلى ذلك الأسواق والمجمعات السكنية الحديثة.
وسأكتفي بهذه الإشارات على أمل أن نهتم نحن كتاب الرأي، بإظهار الجوانب الجميلة في جميع مدننا، خاصة المصايف التي بدأت تنافس مثيلاتها العالمية، كما ذكرت في مقال سابق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي