نظرية الشقردي
يعاني البعض كثرة المشاغل وتراكم واجبات العائلة والعمل والمجتمع، ويتذمر من قلة الوقت المتوافر لممارسة هواياته المحببة أو للقاء أصدقائه بعيدا عن تلك المشاغل التي يشعر أنها توشك على إنهاء إحساسه الحقيقي بالمتعة، هذه الأعراض تصيب في الأغلب "الشقردية".
على الجهة المقابلة من الحياة هناك نوع ثان من الأشخاص وهم "الخاملون" وهؤلاء مهمتهم في الحياة أن يقوموا بالانسحاب تكتيكيا من كل الأعمال والواجبات التي من المفترض أن يؤدوها، فيحاولون إسنادها بطريقة أو بأخرى إلى غيرهم، ويتصف هذا النوع بكثرة التشكي والتذمر والتأخير المتعمد في أداء الواجبات أيا كان نوعها حتى يشعر الطرف الآخر "بالطفش" والملل، فيبادر إلى تحمل تلك المسؤوليات والواجبات بدلا عنه، السؤال الذي يطرح نفسه: أين يكمن الخلل؟!
أظن فعليا أنه يكمن في أولئك "الشقردية"، الذين يفضلون القيام بمسؤوليات وواجبات الخاملين وإنجازها بدلا من الانتظار وإضاعة الوقت نتيجة البرود واللامبالاة التي يتصف بها الخاملون، وكذلك تفاديا للدخول في جدالات عقيمة معهم، مع الأسف هذه الطريقة أسهمت -من حيث لا يشعر الشقردية- في صنع أولئك "الخاملين" الذين استسهلوا الأمر وأراحوا عقولهم من ضجيج الطلبات وضغوط الواجبات، فهم في النهاية لا يعنيهم نقد الناقدين ولا مدح المادحين بقدر استمتاعهم بالتملص مما يفترض بهم القيام به، وكلما مر الوقت يزداد الوضع صعوبة فلا "الشقردي" قادر على التخلص من هذا الكم المتراكم عليه من واجباته وواجبات غيره، ولا "الخامل" قادر على أن يبرمج نفسه على تنفيذ الواجبات المطلوبة منه بعد أن شعر بطعم الراحة.
الحل ببساطة ألا تسندوا مهام أي فرد لآخر مهما كانت الظروف والمسببات، وتحلوا بمزيد من الصبر حتى يقوم كل فرد بالمطلوب منه ويكون أمام الأمر الواقع الذي يستلزم منه القيام بمسؤولياته وواجباته، الزوجات الشقرديات اللاتي يقمن بشراء أغراض البقالة والمدرسة ومشاوير الأطفال الطبية والترفيهية والمذاكرة والتربية ووو، سينهرن في نهاية الأمر حين يقمن بدور الأب والأم معا في ظل وجود زوج خامل والعكس صحيح، والإخوان الشقردية الذين يؤدون مشاوير العائلة وطلباتها ولا يجدون وقتا لأنفسهم سيطفح بهم الكيل في ظل وجود إخوان خاملين لا واجبات عليهم، ورغم ذلك فإن كافة حقوقهم محفوظة من قبل الوالدين، والموظف الشقردي "اللي يكرف" ويؤدي عمله وعمل غيره لن يصمد طويلا في وظيفته، الأمثلة كثيرة ولا يتسع المجال لذكرها.
وخزة:
"الخاملون والكسالى نحن من صنعناهم حين أوهمناهم أننا قادرون على تحمل واجباتنا وواجباتهم معا".