أسعار النفط الأعلى في النصف الثاني من 2023
يتوقع معظم المحللين أن تكون أسعار النفط أعلى في النصف الثاني من هذا العام، لكنهم في الغالب تخلوا عن التوقعات بوصول الأسعار إلى 100 دولار للبرميل بحلول نهاية العام.
في هذا الجانب، رفع 37 محللا توقعاتهم لأسعار النفط لعام 2023 للمرة الأولى منذ أربعة أشهر، قائلين إن تخفيضات إنتاج "أوبك+" ستكون كافية لتعويض النمو الاقتصادي الضعيف في الصين. وتوقع الخبراء أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 82.45 دولار للبرميل عام 2023، وهو أعلى من متوسط يوليو البالغ 81.95 دولار، في حين من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 77.83 دولار للبرميل للعام بأكمله، أعلى من التوقعات السابقة البالغة 77.20 دولار.
تشير توقعات برنت الجديدة إلى أن متوسط الأسعار سيصل إلى 86.15 دولار للأشهر من سبتمبر حتى ديسمبر، وهو أقل من سعر إغلاق الأسبوع الماضي البالغ 88.55 دولار ـ وهو رقم قياسي جديد لعام 2023. تم أيضا تداول خام غرب تكساس الوسيط مرتفعا الأسبوع الماضي ليصل إلى 85.55 دولار للبرميل ـ وهو أعلى سعر حتى الآن هذا العام. آخر مرة تم تداول خام غرب تكساس الوسيط عند هذا المستوى المرتفع كانت في نوفمبر 2022.
بالفعل، تشهد أسعار النفط في الوقت الحالي انتعاشا، مع وصول الطلب العالمي إلى مستويات قياسية هذا الصيف، على الرغم من ارتفاع الإنتاج، حتى مع تخفيضات "أوبك+".
في بعض الأوقات، تجاوز الطلب في هذا الصيف الإنتاج، ما أدى إلى تشدد المخزونات العالمية.
أحد العوامل الرئيسة في ارتفاع أسعار النفط هو انخفاض المخزونات في الولايات المتحدة، التي انخفضت بمقدار 10.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 25 أغسطس، وفقا لإدارة معلومات الطاقة. وجاء سحب المخزون هذا في أعقاب سحب آخر تم الإبلاغ عنه أخيرا يبلغ 17 مليون برميل، ما أسهم في دعم توقعات الطلب القوي والمرن على النفط في أكبر مستهلك في العالم. حتى الآن، بلغت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة أدنى مستوياتها منذ ديسمبر الماضي.
هناك عامل آخر أسهم في ارتفاع أسعار النفط، وهو تخفيضات "أوبك+"، بقيادة المملكة وروسيا. ولا تزال هناك حالة عدم يقين في السوق بسبب التساؤلات حول مدى استدامة الطلب المتزايد، في ظل المشكلات التي يعانيها الاقتصاد الصيني، والتوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى. في الأسابيع الأخيرة تركز اهتمام السوق على انخفاض المخزونات العالمية والآمال في أن يؤدي انخفاض التضخم، إلى تفاقم المشكلة والسماح للبنوك المركزية بوقف رفع أسعار الفائدة. لكن، التضخم في الولايات المتحدة ارتفع في يوليو إلى 3.2 في المائة بعد انخفاضه إلى 3 في المائة في الشهر السابق.
في هذا الجانب، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خطابه الأخير: إن التضخم، الذي بلغ 3.2 في المائة في يوليو، لا يزال مرتفعا للغاية، وإن البنك مستعد لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى وإبقائها عند مستويات مرتفعة حتى ينخفض التضخم بشكل مستدام نحو هدف البنك المتمثل في 2 في المائة.
ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة أن يشكل مثبطا متزايدا للاقتصاد الأمريكي، الذي كان مزدهرا بشكل ملحوظ، وإذا تباطأ النمو الاقتصادي، فسيؤدي ذلك بالتالي إلى انخفاض الطلب على النفط.
والاقتصاد العملاق الآخر في العالم هو الصين. في وقت مبكر من هذا العام، أعطت التوقعات بأن الاقتصاد الصيني سيزدهر هذا العام بعد انتهاء القيود الصارمة المفروضة بسبب جائحة كورونا، دعما لأولئك الذين توقعوا أن ارتفاع الطلب على النفط سيدفع الأسعار إلى 100 دولار بحلول نهاية العام. لكن النمو في الصين تخلف عن التوقعات. ويبدو قطاع العقارات فيها مضطربا بشكل خاص، لقد أفرط في البناء في الأوقات الجيدة وتراكم عليه ديون ضخمة. كما استدانت الحكومات المحلية لبناء البنية التحتية اللازمة لخدمة المباني كافة. والآن، مع نمو أقل من المتوقع، فإنهم يواجهون مشكلة في مواكبة مدفوعات الديون، وقد يؤدي ذلك إلى مشكلات في القطاع المصرفي إذا تخلفت شركات البناء عن سداد ديونها. حتى مع هذه الضغوط على النمو العالمي، بلغ الطلب على النفط الخام مستوى قياسيا هذا الصيف، عند نحو 103 ملايين برميل يوميا، بزيادة تزيد قليلا على ثلاثة ملايين برميل عن متوسط مستوى العام الماضي.
الطلب هذا الصيف كان أعلى قليلا من الإنتاج العالمي، لأن "أوبك+" تحد من الإنتاج.
في هذا الجانب، قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير، إن إنتاج المجموعة بلغ 50.7 مليون برميل يوميا، بانخفاض أكثر من مليوني برميل عن بداية العام. تم تعويض هذا التخفيض جزئيا من قبل المنتجين من خارج "أوبك+"، بزيادة قدرها 1.6 مليون برميل، ليصل إنتاجهم إلى 50.2 مليون برميل يوميا، نمو الإنتاج في الولايات المتحدة يمثل حصة الأسد من هذه الزيادة.
ومع اقتراب ذروة موسم السفر الصيفي من نهايته، من المتوقع أن يعتدل الطلب قليلا هذا الخريف، لكن من المرجح أن تستمر المملكة وروسيا في الحد من إنتاجها، وبالتالي سيظل توازن العرض والطلب متشددا. وقد يؤدي ذلك إلى إبقاء الأسعار مدعومة بالقرب من أعلى ما رأيناه حتى الآن هذا العام. وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الديزل في الأسابيع الأخيرة بعد اعتدالها إلى أدنى مستوياتها الأخيرة في يونيو. وارتفع سعر الديزل العام الماضي مع وقف أوروبا وارداتها من الوقود من روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. كانت هناك أشهر من تشدد العرض في الوقت نفسه الذي يكون فيه الطلب عادة أقوى بسبب الطلب القوي على زيت الوقود في الطقس البارد. استقرت الأمور بحلول يونيو، لكن الديزل ارتفع مرة أخرى خلال فصل الصيف. أحد الأسباب هو أن مصافي التكرير الأمريكية على طول ساحل الخليج وأماكن أخرى تعرضت لانقطاعات غير مخطط لها وكذلك مشكلات في الإنتاج تتعلق بدرجات حرارة الصيف التي كانت أعلى من المعتاد. وخارج أمريكا الشمالية، كان لانخفاض إمدادات النفط السعودي تأثير كبير، حيث يعد الخام السعودي المتوسط الحامضي مثاليا لإنتاج الديزل، لكن إنتاج الديزل من الأنواع الأخرى من الخام أقل. ومع انخفاض إمدادات الديزل عن المعتاد، ارتفع حاليا هامش الربح بين أسعار النفط الخام وأسعار الديزل.