ميزانية السعودية إنفاق بعوائد كبرى

جاءت أرقام الميزانية السعودية 2024، في سياق المخططات الكبرى التي وضعتها القيادة العليا للبلاد، وتقوم بتنفيذها ضمن نطاق "رؤية السعودية 2030". ويبدو واضحاً أن المسار الاقتصادي العام، يمضي بثبات حتى في ظل الأزمات التي مر بها الاقتصاد العالمي في الأعوام القليلة الماضية، ولا تزال آثارها حاضرة دولياً. وتنسجم أرقام الميزانية الجديدة، مع كل التوقعات المحلية والخارجية. فالعجز الحالي، البالغ 115 مليار ريال كان مطروحاً ضمنها، ويمثل 2.9 % من الناتج المحلي الإجمالي، علماً بأن حقق تراجعاً في الربع الثالث من العام الجاري بلغ 15.6%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ما يعزز المسار العام للميزانية في الفترة المقبلة، علماً أن الاقتصاد السعودي سجل انكماشاً بلغ 0.8% في 2023.

ومن أهم النقاط في الميزانية الجديدة، الارتفاع المستمر لحصة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي، حيث من المتوقع أن يصل إلى 3.7 % هذا العام. وهذا الجانب يعد محوراً أساسياً لـ "رؤية السعودية"، التي تعيد تشكيل الاقتصاد الوطني، بما يتناسب مع المتطلبات المحلية، واستحقاقات المستقبل عموماً. ويندرج في هذا السياق التدفقات الاستثمارية الأجنبية المتواصلة، التي بلغت في النصف الأول من العام الحالي 21.2 مليار ريال، مدعومة بالمشاريع الكبرى، وبالتسهيلات ومرونة القوانين الاستثمارية بشكل عام. الذي يرفع من مساهمة هذه التدفقات أيضاً، الثقة العالمية بالسوق السعودية، ومكانة البلاد الائتمانية التي حافظت عليها، حتى في ظل الأمات الاقتصادية التي مرت بها العالم منذ مطلع العقد الحالي.

إيرادات الميزانية العامة 2024 بلغت 1.23 تريليون ريال، لكن النفقات وصلت إلى 1.345 تريليون ريال نتيجة الإنفاق المتواصل على المشاريع الكبرى في البلاد، التي تضع التنمية على رأس أولوياتها، فضلاً عن بناء الاقتصاد المحلي بالشكل الذي تستحقه البلاد. فالميزانية الجديدة تعزز استمرار النهج التوسعي الموضوع من قبل القيادة العليا، بهدف تحسين الخدمات للمواطنين، ورفع مستوى جودتها. ما يعني، أن الإنفاق متواصل، بدعم من كل القطاعات، ولا سيما غير النفطية منها. فقد بلغت مساهمة النفط في الناتج المحلي 28 %، وارتفعت معدلات الاستثمار الخاص بـ 24 %. علماً بأن الإيرادات غير النفطية حققت نمواً (كما هو معروف) بنسبة 154 % منذ العام 2016 إلى السنة الحالية. وهذا يعني أن الاقتصاد المحلي، لم يعد متأثراً بأي تقلبات قد تحدث في السوق النفطية.

لابد من الإشارة أيضاً، إلى أن الإيرادات النفطية سجلت في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري نمواً بلغ 16 %، بينما بلغ نمو الإيرادات غير النفطية في الفترة نفسها 6 %. وهذه مؤشرات عملية على التحولات الجارية حالياً على الساحة الاقتصادية، ولا سيما أن السنوات المقبلة ستكون معززة بنمو مرتفع مقارنة بالأعوام الأولى من العقد الحالي. فكل التوقعات تشير إلى تحقيق نمو يصل إلى 5.7 % في العام المقبل، و5.1 % في 2026 الأمر الذي يعزز مسار الميزانيات المقبلة، بما يكفل دعم الحراك الاقتصادي والاجتماعي العام، خصوصاً في ظل مؤشرات على انخفاض معدل التضخم في العام الجاري إلى 2.2 %، وإلى ما دون 2 % في العام 2026.

ميزانية السعودية لـ 2024، تأتي في ظل مسيرة تنموية كبرى، تعتمد على البناء، لاقتصاد مستدام. فالإنفاق على المشاريع الكبرى يدخل في هذا الطريق، فضلاً عن الصرف على البنية التحتية والخدمات العامة. دون أن ننسى، أن المسار نفسه، حقق قفزات نوعية على صعيد خفض معدلات البطالة، بما ينسجم مع مستهدفات "رؤية السعودية 2030".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي