الملقوف والخصوصية
الخصوصية هي تلك المساحة التي يجب ألا يوجد فيها غيرك، أو هي حسب تعريف "ويكيبيديا": "قدرة الفرد أو الأشخاص على عزل أنفسهم أو معلومات عنهم، وبذلك فإنهم يعبرون عن أنفسهم بطريقة انتقائية ومختارة"، بمعنى أن جميع المعلومات المتعلقة بك ليست حقا مشاعا لمن حولك، بل هي أمور تظهر أنت لهم منها ما تعتقد أنه سينفعك، لا أن يلحق الضرر بك. اقتحام الآخرين خصوصيتك يعني أنك شخص لا تستطيع التحكم في حياتك، بل تعتقد بأن السماح لهم بالتعمق في خصوصيتك سيجعلك محبوبا ويحرصون على صحبتك، بينما العكس صحيح، هناك أمور عدة يجب أن تظل ضمن أسوار الخصوصية، ولا يطلع عليها الآخرون مهما كانت ثقتك بهم:
أولا، وضعك المالي، لا يحق لأي كان أن يسألك عن رصيدك في البنك أو كم مرتبك؟ أو كم تأخذ "بونصا، مكافأة، خارج دوام"؟ لذلك احذر أن تعطي إجابة مباشرة وصريحة لأي شخص يسألك مثل هذا السؤال، لأسباب عدة، هي: -إنه أمر شديد الخصوصية.. إن أخبرته عن راتبك، فسيشغلك بكثرة السلف منك، ولن يعيد لك مالك، لأنك في نظره "ما عليك قاصر"، بل سيغضب منك حين ترفض تسليفه، وسيسألك السؤال التقليدي "وين يروح راتبك؟".
-سيخبر كل من هب ودب بمقدار راتبك وكم تستلم، ما يجعل عيون الآخرين مسلطة عليك وعلى رزقك.
ثانيا، أهدافك وخططك في الحياة، لا تخبر الناس عن المشاريع التي ستقوم بها، سواء كان المشروع تجاريا أو مشروع سفر أو إكمال دراسة أو بعثة خارجية أو خطبة أو شراء منزل ووو، كل هذه الخطط ستتعرقل، وربما تفشل ولا يكتب لها الاستمرارية، ليس لأنك ستكون معرضا للحسد فقط، بل لأنك ستكون تحت مجهر تساؤلاتهم دوما، ما قد يصيبك بالإحباط والاكتئاب إن فشلت. لذلك حتى التوجيه الشرعي يحثك على الكتمان حتى يتم الأمر، بل من العجيب أن بعض الأبحاث الاجتماعية أثبتت أن أولئك الذين يعملون في صمت ودون معرفة من حولهم يحققون أهدافهم بطريقة مذهلة.
ثالثا، مشكلات منزلك وأسراره، احرص على ألا يعلم بها صديق ولا عدو، فالصديق سيحزن ويتضايق من أجلك، والعدو سيشمت فيك، مشكلاتك ومشكلات زوجتك وأبنائك وأسرارهم من أهم الخصوصيات التي يجب أن تحافظ عليها.
وخزة
«الملاقيف» هم أكثر الأشخاص حفاظا على خصوصياتهم، ولا يسمحون لأحد بمعرفة أي شيء عنهم، وفي الوقت نفسه يفعلون المستحيل لمعرفة أدق خصوصيات الآخرين.