عضوية مجموعة البريكس

وجهت إلى المملكة دعوة مع دول أخرى أغلبها من دول المنطقة مثل الإمارات و مصر و إيران وإثيوبيا، إضافة إلى الأرجنتين للانضمام إلى مجموعة البريكس، فكما هو معلوم فإن هذه المجموعه بدأت بتعريف اقتصادي من جم أونيل الذي كان رئيس الفريق الاقتصادي لبنك جولدمان ساكس الأمريكي في لندن. وتأسست المجموعة في صيف 2009 بأربع دول، البرازيل وروسيا والهند والصين لتنضم لاحقا جنوب إفريقيا.
تأسست المجموعة لسبب لرئيس وأسباب فرعية. السبب الرئيس التحول المحوري في اقتصاد العالم، فالمنظومه الغربية كما تعبر عنها مجموعه الدول السبع G7 التي منها اليابان كانت المحور الأساس في الاقتصاد العالمي الذي تشكل بعد الحرب الثانية وبالذات من خلال الهيمنة على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من خلال اتفاقية برتون وود، وأن توقيت التحول التاريخي دائما محل جدل، ولكن معارضة المشروع الأمريكي في اجتماعات منظمة التجارة الدولية في 1999 في سياتل وبالتالي عدم تمريره مهمة كإعلان بداية لنهاية للإمبراطورية الأمريكية. مع بداية هذا القرن كانت G7 تشكل 80 في المائة من الإنتاج العالمي، بينما الآن 60 في المائة وفي تناقص. كما أن المقارنة السكانية مؤثرة، إذ إن الصين أو الهند وحدها أعلى من G7. ربما الأهم مستقبلا النمو الاقتصادي المقارن والتجارة الدولية، وهذه كلها تصب لمصلحة البريكس.
دور الـ"أوبك+" يغلب عليها دول البريكس أحد أذرع العالم الجديد. كما أن دول G7 ربما باستثناء اليابان تعاني وتحتاج إلى الهجرة لنقص الأيدي العاملة بما لذلك من تأثير في التماسك المجتمعي والسياسي. لكن الصورة العامة أيضا لا تخضع لتقسيم سهل، فمثلا لم يعد الاقتصاد يقوم فقط على المنتجات الخشنة وبينما الصناعات الجديدة ما زال لدى الغرب تميز واحتكار لبعضها. كذلك أصبحت الديون إحدى سمات العصر، وهذه وظفها الغرب بديلا عن المستعمرات، ولكن ليس هناك غداء مجانا، ولكن أيضا سرعان ما أخذت دول البريكس بتوظيف الديون، لذلك يعاني كثير منها حتى قبل تحقيق مستوى تنمية مقبول.
سبق التحول الاقتصادي وربما مصاحب الاستياء من سياسة القطب الواحد خاصة بعد استعداد أمريكا لتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية مستغلة دور منظومة الدولار في النظام العالمي، استعداد أمريكي للحجز على أرصدة الدول مثل أفغانستان وروسيا أصبح هاجسا لكثير. البعد السياسي كان حاضرا في مجموعه عدم الانحياز التي ربما كانت نواة بعيدة للبريكس التي انهارت بعد نهاية الاتحاد السوفييتي رغم ضعفها حتى في وجود الاتحاد السوفييتي خاصة بعد غزو أفغانستان والخلافات بين دولها دون آلية وبرتوكول للتعامل مع العوامل المشتركة والمختلفة. وهذا أيضا مصدر احتمال لتطور مجموعه البريكس إذ ليس هناك أي إنجاز ملموس منذ تأسيسها قبل 14 سنة وليست هناك آليات وبروتوكولات تنظيمية ملزمة خاصة في النظامين المالي والنقدي عدا بنك التنمية الجديد الذي هو بمنزلة منافس للبنك الدولي حيث أقرض نحو 32 مليار دولار لتمويل البنية التحتية، وكذلك نواة تنظيم للتعامل النقدي. أجده من الصعب تطوير تعاون نقدي ومالي بسبب عدم التجانس خاصة أن هناك اختلافا في المراحل التنموية إضافة إلى خلافات سياسية مؤثرة وصعوبات مالية لدى عديد، لعل أهمها الخلاف بين الصين والهند بسبب الحدود والمنافسة الاقتصادية، الغرب يخشى من الدور الصيني ويحاول جذب الهند خاصة أن الهند مقبولة أكثر لدى الغرب بسبب دورها الاقتصادي. كذلك جاء مشروع "الممر الاقتصادي" الذي يبدو من الهند ليربط الخليج خاصة المملكة والإمارات مع أوروبا وبالتالي تفادي محور طريق الحرير الذي يبدأ من الصين وينتهي في إيران كنقطة التحول للمنطقة. لذلك يصعب أن تقبل الهند دورا قياديا للصين، بينما روسيا تعاني بسبب تبعات الحرب ولم تتمكن من تطور اقتصادي منافس، بينما جنوب إفريقيا تعاني حوكمة ضعيفة تظهر في أبسط المنافع كديمومة التيار الكهربائي. كما أن هناك تقاطعا مع مجموعة G 20، التي تخلف عن قمتها الأخيرة الرئيسان لذلك نحن أمام مشهد أسسه موضوعية وربما منطقية التوجهات ولكن ظروفه وحيثياته العملية صعبة التخطي، فمثلا بدأت روسيا بقبول الروبية الهندية مقابل النفط ولكن سرعان مع طالبت بعملات أكثر موثوقية، وكان قبول الدرهم الإماراتي حلا وسطا بسبب ارتباطه بالدولار فقط. ربما طبيعة التحولات التاريخية بأنها تأتي بطريقة غير خطية وطويلة المدى وربما بسبب استحالة الإنجاز العميق لأسباب موضوعية. أمريكا لم تهتم كثيرا بالبريكس ألا أخيرا فحقيقة نحن أمام أعوام قليلة شيقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي