التسول الإلكتروني
العزف على العواطف من أكثر الحيل التي يلجأ إليها المتسولون للحصول على أموال الآخرين واستهداف جيوبهم. في الماضي كان المتسولون يتفننون في الخدع الملموسة كأن يستدروا عاطفة غيرهم بالأعضاء المبتورة والعجز الجسدي والمرض، رغم أنهم فعليا قد لا يشتكون أي علة، كما أنهم يقومون بتسخير الأطفال من خلال عمل جماعات منظمة تقوم بتشغيلهم وتلقينهم قصصا مؤلمة عن اليتم والفقر ليتعاطف الناس ويدسوا أيديهم في جيوبهم دون أي تردد ويجودوا عليهم بالمال.
أذكر إحدى المتسولات ظلت أربعة أعوام كاملة تتسول عند أحد المحال المشهورة وفي حضنها طفل صغير كان دوما نائما ثم فجأة اختفت وعلمت فيما بعد من أحاديث الناس أنها كانت تستأجر الطفل الصغير بالساعة حتى تم اكتشاف أمرها، وفي ظل جهود مكافحة التسول بدأت هذه الظاهرة تختفي في الأماكن العامة بشكل ملموس من فضل الله تعالى.
ثم ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي ومعها بدأت تطفو على السطح ظاهرة التسول الإلكتروني ولم تعد تلك الحيل التقليدية تجدي نفعا، فظهرت حيل إلكترونية تستهدف أموال المتعاطفين والرقص على عواطفهم المرهفة من خلال التمثيل المتقن وتعابير الوجوه البريئة والاستعطاف المتكرر ومظاهر الفقر المدقع، حتى يصدق المتابع أن هذا الشخص فعلا محتاج فيبادر إلى إرسال الهدايا والأموال له، ما يشعره بأنه أدى عملا إنسانيا عظيما، لكنه في الحقيقة كان مجرد شخص انطلت عليه الخدعة وتم نهب ماله ووقع ضحية في فخ متسول ذكي.
المتسول إلكترونيا يظهر بهيئة رثة وديكور خلفي بائس ويحرص على وجود أطفال معه في البث ليزداد الضغط عاطفيا على الجمهور، فيصنع حكاية بؤس تلامس القلوب وتمس الجيوب معا، وقد يظهر بهيئة حماسية يخدعك فيها بطريقة ذكية من خلال الرقص على الأغاني والشيلات الخاصة بوطنك ليرسل إليك رسالة غير مباشرة، يخبرك فيها أنه رغم الظروف والاحتياج والفقر الذي يعيشه إلا أنه يشاركك حب وطنك فتشعر بالحماس وتلتهب أحاسيسك عرفانا وامتنانا، ولا تجد سوى المال لتعبر به عن ذلك فترسل له مزيدا من المال والهدايا.
أصبح التسول الإلكتروني تجارة مربحة ما جعله مرتعا خصبا لبعض الفئات التي تستغل الأطفال وكبار السن الفئة الأكثر استدرارا للعطف. دولتنا حفظها الله خصصت منصات معينة للتبرع والإحسان وجمعيات خيرية معتمدة وأي تبرع يتم خارجها حتى لو إلكترونيا يعد مخالفة ضد النظام تستوجب العقوبة.وخزة:
الوقوع في فخ الإحسان للمتسولين إلكترونيا سيجعلك تدرك الدرس بعد فوات الأوان..!