«أوبك» ترفع التوقعات وتطالب بمزيد من الاستثمار

في تقريرها السنوي عن آفاق النفط العالمية 2023 WOO رفعت "أوبك" بشكل كبير توقعات الطلب على النفط على المدى الطويل ولا ترى أي ذروة للطلب في الأفق. حيث إن استمرار نمو استهلاك الطاقة سيحتاج إلى جميع أشكال الطاقة. وتم إطلاق التقرير الأسبوع الماضي في مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك" في الرياض. وكان الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة ورئيس مجلس أمناء "كابسارك"، ضيف الشرف الخاص، وألقى كلمة في جلسة الافتتاح، أكد فيها ان أعضاء "أوبك+" يتقاسمون فاتورة تكلفة براميل النفط بشكل متساو. وأضاف "نجحنا في التأكيد أن المملكة ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ملتزمة بمواجهة التحديات المناخية".
يقدم التقرير الذي نشر لأول مرة في 2007، الذي كان لي شرف المساهمة بأربعة إصدارات منه، مراجعة تفصيلية وتقييما للآفاق متوسطة وطويلة الأجل للنفط والطاقة العالمية حتى 2045.
تتناول الطبعة الـ17، على وجه الخصوص، التطورات الأخيرة المتعلقة بالطاقة والاقتصاد، ولا سيما فيما يتعلق بالديناميكيات المتغيرة حول سياسات الحياد الكربوني، حيث يتساءل عديد عن الأهداف والفوائد، يعيد صناع السياسات تقييم نهجهم تجاه مسارات تحول الطاقة والتكنولوجيات الجديدة التي يجري تطويرها ونشرها. كما أنه يؤكد الحاجة إلى توفير خدمات الطاقة الحديثة لمليارات الأشخاص الذين ما زالوا محرومين منها.
في هذا الجانب، أكد وزير الطاقة، في جلسة الافتتاح، "أن المملكة تكافح فقر الطاقة في العالم، وتساعد على تمكين الأشخاص من تحسين معيشتهم من الناحية الصحية، وكذلك ضمان مستقبلهم".
ويتوقع التقرير الحالي أن يرتفع الطلب على النفط بأكثر من 16 مليون برميل يوميا بين 2022 و2045، من 99.6 إلى 116 مليون برميل يوميا، بزيادة قدرها ستة ملايين برميل يوميا مقارنة بالتقييم السابق من العام الماضي.
الهند ستكون محرك النمو حتى 2045، من المتوقع أن تضيف 6.6 مليون برميل يوميا، إلى الطلب على النفط خلال الفترة المتوقعة. وقالت "أوبك"، إن الطلب على النفط في مناطق أخرى من آسيا من المتوقع أن يرتفع بمقدار 4.6 مليون برميل يوميا، وفي الصين، إفريقيا، والشرق الأوسط، بمقدار 4.0، 3.8 و3.6 مليون برميل يوميا على التوالي. ويتوقع التقرير أن ينمو الطلب العالمي على الطاقة 23 في المائة في الفترة حتى 2045، أو في المتوسط بنحو ثلاثة ملايين برميل مكافئ نفط يوميا سنويا
ويتوقع التقرير انخفاض إمدادات النفط من خارج المنظمة من 72.7 مليون برميل يوميا في 2028، إلى 69.9 مليون برميل يوميا بحلول 2045، مع بدء تراجع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وسيتطلب ذلك من "أوبك"، بوصفها المنتج المتأرجح في السوق، تعزيز طاقتها الإنتاجية بنسبة 35 في المائة تقريبا أو بنحو 11.9 لتصل إلى 46.1 مليون برميل يوميا، خلال تلك الفترة، إذا كان لها أن تمنع حدوث عجز في العرض. سترتفع حصة المجموعة في السوق من 34 إلى 40 في المائة بحلول 2045، مع انخفاض الإنتاج من خارج المنظمة في أوائل العقد المقبل. حتى الآن، المملكة والإمارات فقط من بين أعضاء "أوبك" الذين وضعوا خططا مفصلة لزيادة الطاقة الإنتاجية للنفط الخام.
حيث، تستثمر المملكة لرفع طاقتها الإنتاجية من 12 إلى 13 مليون برميل يوميا بحلول 2027، في حين تهدف شركة بترول أبوظبي الوطنية، المنتج الرئيس في الإمارات، إلى ضخ خمسة ملايين برميل يوميا بحلول 2027 من طاقتها الحالية البالغة 4.65 مليون برميل يوميا. في الأعوام الأخيرة، حاول عديد من الأعضاء الأفارقة زيادة الإنتاج، فضلا عن الحفاظ عليه، بعد أن فشلوا في مواكبة تحديثات البنية التحتية اللازمة، في حين تخضع إيران وفنزويلا لعقوبات أمريكية أدت أيضا إلى تشدد صناعاتها. وتعرضت دول "أوبك" الأخرى، مثل العراق وليبيا، لاضطرابات داخلية كبيرة في إنتاجها من النفط الخام بسبب الاضطرابات المدنية أو السياسية.
وعلى الجانب الاستثماري، قالت "أوبك"، إن العالم يحتاج إلى 14 تريليون دولار من الاستثمارات التراكمية في قطاع النفط بحلول 2045 لضمان استقرار السوق وتجنب الفوضى في مجال الطاقة والاقتصاد. قالت المنظمة إن الاستثمارات السنوية يجب أن تبلغ نحو 610 مليارات دولار في المتوسط، ويجب أن يذهب الجزء الأكبر منها إلى قطاع المنبع، رافضة الدعوات لوقف الاستثمارات في الإمدادات الجديدة. ومن المتوقع أن يرتفع الاستثمار في قطاع المنبع هذا العام بنسبة 13 في المائة، ليصل إلى 360 مليار دولار، لكن هذا لن يؤدي إلا إلى إعادة الإنفاق الرأسمالي إلى مستويات ما قبل الجائحة. وحذرت "أوبك" من أن "العقبات التي تعترض الاستثمار في قطاع المنبع، أو حتى الدعوات للحد منها، تمثل تحديا كبيرا ومخاطر على استقرار السوق وأمن الطاقة، وتزيد من خطر نقص العرض وتقلبات السوق".
في هذا الجانب، علق هيثم الغيص الأمين العام للمنظمة في مقدمة التقرير قائلا: "الدعوات لوقف الاستثمار في المشاريع النفطية الجديدة مضللة وقد تؤدي إلى فوضى في مجال الطاقة والاقتصاد." وأشار إلى أن "التاريخ مليء بأمثلة عديدة على الاضطرابات التي ينبغي أن تكون بمنزلة تحذير لما يحدث عندما يفشل صناع السياسات في الاعتراف بالتعقيدات المتشابكة للطاقة". وحذرت "أوبك" أيضا من أن الدفع غير المدروس نحو تحول الطاقة يقوض الاستثمار في قطاع النفط، ويعرض أمن الطاقة العالمي للخطر. في هذا الجانب، وجه الأمين العام للمنظمة انتقاداته إلى المتنبئين الذين توقعوا انخفاض الطلب على النفط هذا العقد، ودعوا إلى وقف الاستثمارات في النفط والغاز. وعد ذلك "سردا محفوفا بالمخاطر للغاية".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي