سايبور 3 أشهر بين البنوك السعودية يتجاوز 6.3 % لأول مرة منذ 23 عاما
تجاوز المرجع التسعيري لسايبور ثلاثة أشهر الذي يستخدم مع الفائدة المتغيرة مع القروض، مستويات 6.3 في المائة في الأيام الماضية، ليسجل بذلك مستوى لم يشاهد في السوق السعودية منذ نحو 23 عاما.
تأتي قفزة السايبور لتعيد التأكيد للعاملين في القطاع المالي السعودي، أنه من الصعب التكهن بحركة المرجع التسعيري للإقراض المصرفي في ظل المتغيرات العالمية التي من ضمنها رفع الفائدة الأمريكية من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال معظم اجتماعات العام.
وفي الوقت الذي تعد فيه تلك التطورات بمنزلة أخبار غير سارة للجهات التي لديها قروض بالفائدة المتغيرة، فإن مستويات السايبور الحالية هي بمنزلة أرباح مجانية، خالية من المخاطر، للأفراد الذين يربطون ودائعهم بفترات زمنية قصيرة تصل إلى شهر واحد.
وعليه -بحسب رصد وحدة التقارير في "الاقتصادية"- فإن الفترة الحالية هي بمنزلة العصر الذهبي للودائع الاستثمارية الذي لم يتكرر منذ أكثر من عقدين.
وتترقب حركة الفائدة المصرفية السعودية نتائج آخر اجتماع للفيدرالي لهذا العام والمقبل في 13 ديسمبر والقرارات التي ستصدر بعده، مع العلم بأن توقعات مقدار الرفع تؤثر في الحركة الأسبوعية للسايبور.
وأظهرت بيانات الرصد أن سايبور ثلاثة أشهر أغلق عند مستويات 6.33 في المائة، وسايبور ستة أشهر أغلق عند مستويات 6.17 في المائة في أواخر أكتوبر.
ويأتي التذبذب في حركة آجال السايبور بين الصعود والهبوط، لكونه يتأثر بما يجري لحركة الفائدة في القطاع المصرفي الأمريكي.
واعتمدت الصحيفة في تحليلاتها على بيانات منصة "ماكرو بوند" وكذلك منصة "سي بوندز" للبيانات المالية.
عقود المبادلة
بحسب الرصد، لحقت عقود "المبادلة" الائتمانية الخاصة بالسوق السعودية بمراجع السايبور وارتفعت بأعلى وتيرة سنوية.
وصعد عقد المبادلة لثلاثة أعوام بما يلامس 12 في المائة خلال ثلاثة أشهر، ليقف عند مستويات 5.55 في المائة بنهاية أكتوبر مقارنة بـ4.96 في المائة أوائل أغسطس.
وفي الإطار ذاته، يتم تداول عقد المبادلة لخمسة أعوام فوق 5.40 في المائة لأول مرة هذا العام، مقارنة بـ4.67 في المائة أوائل أغسطس قفز بأكثر من 15 في المائة خلال 90 يوما.
وتعد "عقود المبادلة بالريال" أحد ثلاثة مراجع لتسعير الائتمان في السوق المحلية.
ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات ويستخدم كذلك بدرجة نادرة كمرجع تسعيري مع تسعير الصكوك المحلية للقطاع الخاص والحكومي.
ويتكون منحى العائد لعقود المبادلة المقوم بالريال من آجال متفاوتة، وله عدة استخدامات في القطاع المالي.
وبخلاف استخداماته مع أدوات الدخل الثابت في تسعير السندات والصكوك ولا سيما على النطاق العالمي، يستخدم محليا للتحوط من التقلبات المستقبلية لأسعار الفائدة بحيث تتم تغطية معدلات الفائدة المتغيرة أي السايبور، للعميل بسعر صرف ثابت.
وهذا من شأنه أن يمنح الثقة بالتدفقات النقدية المستقبلية للعميل، في حين تقوم بعض المؤسسات المالية العاملة في السعودية باستخدام عقود المبادلة كمرجع تسعيري مع "عقود التمويل" المتوسطة وطويلة الأجل.
تاريخيا، دائما ما تم تداول مؤشرات الائتمان المقومة بالريال بعلاوة ضد نظيرتها المقومة بالدولار، بحكم ربط العملة.
ويظهر ذلك جليا في السايبور الذي يتداول بعلاوة مقابل السوفر، وكذلك عوائد أدوات الدين الحكومية للسعودية مقابل نظيرتها من الخزانة الأمريكية.
ولذلك من الطبيعي أن يسهم اقتداء أثر مؤشرات الائتمان الدولارية في حدوث بعض الظواهر الائتمانية في السوق المحلية.
نمو الودائع المصرفية
دفعت بيئة أسعار الفائدة المرتفعة في السعودية المستثمرين إلى توجيه مدخراتهم إلى الأوعية الاستثمارية بمختلف أنواعها، ولا سيما قليلة المخاطر التي كانت تقدم عوائد ضعيفة سابقا.
وتشهد البنوك في السعودية تحولا في نوعية الودائع التي تستقبلها، بعد تركيز المودعين على إيداع أموالهم من خلال الودائع الادخارية والزمنية التي أصبحت تقدم عوائد مرتفعة وتاريخية.
ونشرت "الاقتصادية" تحليلا في 28 أغسطس 2023 أشارت فيه إلى مواصلة الودائع في البنوك السعودية نموها بنهاية النصف الأول من العام الجاري، على أساس سنوي، بقيادة الودائع الادخارية مع إقبال المودعين عليها نتيجة ارتفاع الفائدة، إذ ارتفعت في أربعة بنوك بين 52 و120 في المائة، لكن قابله تراجع في الودائع تحت الطلب.
وبحسب رصد "الاقتصادية"، استند إلى بيانات البنوك المحلية، فإن الودائع للبنوك المحلية بلغت بنهاية النصف الأول من 2023 نحو 2.45 تريليون ريال مقابل نحو 2.27 تريليون ريال بنهاية الفترة نفسها من العام الماضي، وبزيادة 7.8 في المائة.
جاءت تلك الزيادة بفضل نمو الودائع الادخارية، التي ارتفعت بنحو 39.2 في المائة، ليصل حجم الودائع إلى 940.2 مليار ريال، قابله تراجع في الودائع تحت الطلب بنحو 5.6 في المائة لتصل إلى 1.43 تريليون ريال.
تنقسم الودائع لدى المصارف السعودية إلى ثلاثة أنواع رئيسة هي، ودائع تحت الطلب، والودائع الزمنية والادخارية، إضافة إلى نوع ثالث يسمى ودائع أخرى شبه نقدية، التي تشمل ودائع بالعملة الأجنبية والودائع مقابل اعتمادات مستندية والتحويلات القائمة، وكذلك عمليات الريبو المنفذة مع القطاع الخاص.
كما هو متوقع تراجعت الودائع تحت الطلب في البنوك السعودية 5.6 في المائة مقابل نمو 8 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، ليستغل المودعون أسعار الفائدة المرتفعة وتحويل أموالهم إلى تلك الأنواع من الودائع.
وتعرف ودائع الحسابات تحت الطلب بالأموال المجانية، أي: الودائع التي لا تدفع عليها المصارف فوائد لمودعيها، بخلاف الودائع الادخارية.
وسجل مصرف الإنماء أعلى معدل نمو بين البنوك السعودية في الودائع الادخارية، حيث سجل ارتفاعا بنحو 120 في المائة، تلاه البنك الأول 67 في المائة ثم بنك الاستثمار بواقع 56 في المائة، والبلاد 51.8 في المائة، في حين سجل البنك السعودي الفرنسي أدنى معدل نمو بين البنوك السعودية بواقع 7.3 في المائة.
قفزة بعد ركود
أسعار الفائدة بين البنوك السعودية قفزت بوتيرة قياسية خلال 2022 بعد فترة ركود لمستويات السايبور خلال 2020 و2019.
وبذلك تسجل مؤشرات فائدة الإقراض بين البنوك أسرع ارتفاعاتها السنوية، في مؤشر على إغلاق نافذة الاستدانة متدنية التكلفة على الشركات والأفراد خلال 2022.
وتأتي تحركات السايبور وسط توقعات المستثمرين بتشديد الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية ورفع الفائدة خلال العام الجاري. حيث من الطبيعي أن تتفاعل آجال السايبور الأربعة مع أي رفع فعلي للفائدة خلال هذا العام.
وبحكم ربط العملة السعودية بالدولار فإن المراقبين يولون اهتماما كبيرا بتحركات السوفر "معدل التمويل المضمون لليلة واحدة" وبين قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول زيادة أسعار الفائدة التي ابتدأت مع شهر مارس 2022.
وجاءت أسعار السايبور خلال 2019 و2020 لمصلحة قروض الشركات والقروض الشخصية والقروض العقارية وغيرها من القروض، إذ أسهمت بيئة الفائدة المتدنية في خفض دفعات القروض على المقترضين وفي تحفيز النشاط الاقتصادي.
الفائدة الثابتة
يعني تسعير أدوات الدين أو القروض بفائدة ثابتة أن المستثمر أو الجهة التمويلية تعرف حجم الفوائد، التي ستتسلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة للصكوك نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق نسبة العائد الثابت خلال الأوقات، التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين أو القروض المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنه يعاد تسعيرها، كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب مؤشر القياس المستخدم، وعالميا يتم استخدام السوفر، إذ يعد "السوفر" نظير "السايبور" للفائدة المقومة بعملة الدولار.
وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016 وتلك السندات المحلية مدرجة في البورصة المحلية لدى "تداول".
فترة الفائدة المنخفضة
قبل الرفع الحالي للفائدة في 2022، خفض مجلس الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين في شهر مارس 2020، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة في التسارع في أنحاء العالم.
وقال البنك المركزي في بيان حينها، "إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى بين الصفر و0.25 في المائة".
وكان مجلس الاحتياطي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من مارس، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد البنك المركزي السعودي على خفض الفائدة الثاني من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال شهر مارس عندما خفض "ساما" معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة، ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام "ساما" أواخر أكتوبر بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019.
ومعلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، قد خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها "الفيدرالي" جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.
3 مراجع لتسعير الائتمان
يعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية "السايبور"، وثانيها "عقود المبادلة المقومة بالريال"، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات، ويستخدم كذلك بدرجة نادرة "كمرجع تسعيري" مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع "عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق"، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ما السايبور؟
تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض "قصيرة الأجل" التي قد تراوح ما بين شهر إلى عام.
وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية "التي تسعر بالفائدة المتغيرة" في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة.
وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون في مأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة "تومسون رويترز" بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور".
وقال "ساما"، "إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي يقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منه لتعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور".
وتعمل اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك بالمشاركة في احتساب معدل "سايبور" الذي ستقوم "تومسون رويترز" باحتسابه استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "الأيسكو".
وحدة التقارير الاقتصادية