العائد على السندات وتأثيراته في الأسهم
تعد السندات من ضمن أدوات الدين وهي قناة استثمارية بعائد ثابت أو متغير يتم صرفه للمستثمرين من حاملي السند كل فترة زمنية يتم تحديدها مسبقا، ويتم تداول السندات بالأسواق المالية كحال الأسهم والصناديق وغيرها، والسند هو عبارة عن وثيقة تمنح للمستثمر باعتباره دائنا للجهة المصدرة للسند، وتلتزم الجهة المصدرة للسند بمنح المستثمر فائدة محددة مقابل كل سند يملكه خلال فترة زمنية معينة حتى نهاية المدة المتفق عليها، وعندها يستطيع مالك السند استرداد قيمة ما دفعه مقابل كل سند يملكه، وتختلف مدة آجال السندات من شهور إلى أعوام وربما عقود من الزمن.
ترتبط أسعار السندات بالعائد عليها بعلاقة عكسية، فكلما ارتفعت أسعار السندات هبط العائد عليها والعكس صحيح فكلما انخفضت أسعار السندات ارتفعت نسبة العائد عليها، لكن ما الذي يجعل المستثمرين يتجهون إلى السندات؟ الحقيقة أن السندات تعد ذات مخاطر أقل وعوائدها شبه مضمونة كما يمكن تسييلها في أي وقت، حيث تعد سوق السندات أكبر سوق مالية في العالم بحجم يتجاوز 130 تريليون دولار، لذلك يتجه كثير من الحكومات وكبرى الصناديق وكذلك كبار المستثمرين إلى استثمار جزء من أموالهم لمصلحة السندات، من باب تنويع المخاطر من جهة والحصول على عوائد مضمونة من جهة أخرى.
ومن المهم معرفة أن أسعار السندات تشهد بعض الفترات تقلبات حادة في أسعارها، وذلك لعدة عوامل سنذكر بعضا منها:
من أبرز الأسباب التي تعد عاملا مؤثرا في أسعار السندات ارتفاع معدلات الفائدة، فكلما ارتفع معدل الفائدة أثر ذلك بشكل سلبي في أسعار السندات، كما أن ارتفاع نسبة التضخم يضغط على أسعار السندات وبالتالي ترتفع عائداتها، كذلك فمستوى التصنيف الائتماني يعد من العوامل المؤثرة في أسعار السندات سلبا أو إيجابا حسب مستوى التصنيف من رفع أو خفض.
من هنا شهدت سوق السندات الأمريكية ارتفاعا ملحوظا في عائداتها، فقد أثرت كل العوامل التي ذكرناها في أسعارها، حيث ارتفعت معدلات الفائدة إلى مستوى لم تشهده الولايات المتحدة منذ 22 عاما، كما ارتفع مستوى التضخم لديها في العام الماضي إلى 9 في المائة وهو ما لم تشهده منذ ما يزيد على أربعة عقود، كما أن وكالتين بين أكبر ثلاث وكالات التصنيف الائتماني في العالم قد خفضتا تصنيفهما لاقتصاد الولايات المتحدة، وهما وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قبل ثلاثة أشهر، وقبلها بأعوام كانت وكالة ستاندرد آند بورز قد خفضت تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة، لذلك ارتفع العائد على السندات الأمريكية لأجل عامين وعشرة أعوام إلى مستوى لم تشهده منذ 16 و17 عاما على التوالي.
والحقيقة أن ارتفاع العائد على السندات يضغط على المستهلكين من حيث ارتفاع نسبة التمويل للقروض على المنازل والسيارات وبقية المشتريات، ما يدفعهم إلى تقليل الإنفاق وبالتالي تراجع أرباح الشركات وربما دخولها في حالة الركود، ما ينعكس سلبا على أسواق الأسهم أو على الأقل يجعلها تستمر بحالة عدم اليقين التي تتسبب في تذبذبات حادة كما هي حال الأسواق الآن.
فارتفاع العائد على السندات له مدلولاته التي تفسرها أسواق الأسهم بشكل سلبي، مع استمرار ضخ الولايات المتحدة مزيدا من السندات الجديدة، مقابل تراجع الصين عن حيازتها منها بنسبة تزيد على 40 في المائة. ما يعني استمرار ارتفاع العائد.