إصلاح قطاع العقار في الصين «2 من 2»
خلال 2021، تدخلت حكومة الصين مرة أخرى، ورسمت ثلاثة "خطوط حمراء" لمقاولي العقارات. فإذا كان لدى أي شركة عقارية نسبة التزامات إلى الأصول تزيد على 70 في المائة، أو نسبة صافي المديونية تزيد على 100 في المائة، أو نسبة النقد إلى الديون قصيرة الأجل تزيد على 100 في المائة، فستفقد الوصول إلى الائتمان المصرفي. وليس مستغربا أن مؤشر أسعار المساكن سرعان ما بدأ ينخفض، وأعقب ذلك نمو في الاستثمار العقاري.
والمفاجأة كانت حجم الانخفاض: ففي 2022، انخفض الاستثمار في العقارات بنسبة 10 في المائة على أساس سنوي. ورغم أن الحكومة قد خففت سياستها التقييدية إلى درجة كبيرة بعد ذلك، إلا أن الانتعاش المألوف لم يتحقق أبدا. بل على العكس، في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023، انخفض نمو الاستثمار في العقارات بنسبة أخرى قدرها 9.3 في المائة على أساس سنوي، وزادت كمية المساحة الطابقية غير المبيعة بنسبة 18.3 في المائة.
واليوم، يواجه عدد متزايد من الشركات العقارية خطر الإفلاس بسبب ارتفاع نسبة الالتزامات إلى الأصول ونقص السيولة. وقد وصل بعضها - وأبرزها مجموعة إيفرجراند، الثانية بعد أكبر شركة عقارية في الصين - إلى حافة الهاوية. وبينما تصر الجهات التنظيمية الصينية على أن تخلف "إيفرجراند" عن السداد هو حدث فردي لن يكون له تأثير كبير في السوق، لا يمكن إنكار الأخطار المتزايدة في قطاع العقارات. وفي الماضي، دائما ما كانت الصين تتمكن من التغلب على المصاعب، لكن الأمور قد تختلف الآن.
ومن المؤكد أن من غير المرجح أن يسبب تخلف شركات العقار عن السداد، حتى الكبرى منها، أزمة مالية منهجية في الصين. ففي نهاية الربع الثالث من هذا العام، بلغ إجمالي القروض المصرفية القائمة في الصين 234.5 تريليون يوان صيني "33 تريليون دولار"، حيث بلغت القروض العقارية 39 تريليون يوان "16.6 في المائة من المعدل الإجمالي"، وكان الائتمان المقدم إلى شركات العقارات 13 تريليون يوان "5.6 في المائة من المعدل الإجمالي". ونظرا للمعايير العالية للمقترضين، والدفعات الأولية الكبيرة التي تحتاج إليها العقارات، فإن جودة قروض الرهن العقاري في الصين عالية.
إن المشكلة التي تواجه البنوك ليست احتمال تخلف المقترضين عن السداد على نطاق واسع، بل الرغبة المتزايدة بين المقترضين لسداد قروضهم العقارية في وقت مبكر. وفي حين أن نسبة القروض المتعثرة في البنوك الصينية منخفضة حاليا - أقل من 2 في المائة - إلا أنها قد ترتفع ارتفاعا حادا إذا أخفقت الحكومة في معالجة تدهور الوضع المالي لمقاولي العقار "وشركات تطوير العقار في مراحله الأولى والنهائية التابعة لهم".
وإضافة إلى تصفية شركات العقار الفاشلة وإعادة هيكلتها، يمكن لحكومة الصين الحد من الأخطار المالية عن طريق وضع شركات العقار المعرضة لخطر الإفلاس تحت سيطرة حكومية أشد، سواء عن طريق الوصاية أو التأميم المؤقت. ويمكنها أيضا توفير السيولة لمن يحتاج إليها من شركات العقار السليمة، وشراء الأصول "المالية أو الفعلية" من شركات العقار التي تتعرض لضغوط لعرض "مبيعات بأسعار بخسة".
ومع وضع مالي قوي نسبيا وبنك مركزي لديه مجال لاعتماد سياسة نقدية أكثر توسعا، يجب أن تكون الصين قادرة على تسهيل حلول لمشكلات ديون قطاع العقارات. ويأمل المرء أن تتمكن الحكومة الصينية من التغلب على المصاعب مرة أخرى.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.