مختصون يسعون لابتكار طريقة لتعليم الذكاء الاصطناعي محو الأخطاء
عندما اكتشف براين هود أن "تشات جي بي تي" نسب إليه ماضيا إجراميا، وجد هذا السياسي الأسترالي نفسه في مواجهة معضلة ينكبّ المهندسون جاهدين لمحاولة حلها، وتتمثل في كيفية تعليم الذكاء محو الأخطاء.
فالخيار القانوني المتمثل في تلويح براين هود في أبريل الماضي برفع دعوى تشهير على شركة "أوبن إيه آي" (منشئة "تشات جبي بي تي") لا يبدو حلا مناسبا. كذلك لا يكمن الحل في إعادة ضبط معايير الذكاء الاصطناعي بالكامل، إذ إن تدريب النموذج مجددا يستغرق وطنا طويلا وهو مكلف جدا.
ويرى المختصون أن مسألة "إلغاء التعلم" أي جعل الذكاء الاصطناعي ينسى بعض ما تلقنه، ستكون بالغة الأهمية في الأعوام المقبلة، وخصوصا في ضوء التشريعات الأوروبية لحماية البيانات.
وتؤكد ليسا غيفن أستاذة علوم المعلومات في جامعة "آر إم آي تي" في ملبورن أن القدرة على محو البيانات الموجودة في قواعد بيانات التعلم هي موضوع مهم جدا. لكنها ترى أن جهدا كبيرا لا يزال مطلوبا في هذا المجال نظرا إلى النقص الحالي في المعرفة في شأن كيفية عمل الذكاء الاصطناعي.
ففي ظل الكم الهائل من البيانات التي يُدرب الذكاء الاصطناعي عليها، يسعى المهندسون إلى حلول تتيح تحديدا أكبر، بحيث تُزال المعلومات الخاطئة من مجال معرفة أنظمة الذكاء الاصطناعي بهدف وقف انتشارها.
واكتسب الموضوع زخما خلال الأعوام الثلاثة أو الأربعة الأخيرة، على ما يوضح لوكالة فرانس برس الباحث الخبير في هذا المجال مقداد كرمانجي من جامعة وارويك البريطانية.
وعملت "جوجل ديب مايند" المتخصصة في الذكاء الاصطناعي على معالجة هذه المشكلة، إذ نشر خبراء من الشركة الأمريكية الشهر الماضي مع كورمانجي، خوارزمية مخصصة لمحو البيانات في نماذج لغوية مهمة، كنموذجَي "تشات جي بي تي" و"بارد" (من "جوجل").
- تصحيح بعض التحيزات
وانكب أكثر من ألف مختص شاركوا في مسابقة أطلقتها الشركة الأمريكية على العمل ما بين يوليو وسبتمبر لتحسين أساليب إلغاء تعلم الذكاء الاصطناعي.
وتتمثل الطريقة المستخدمة المشابهة لما توصلت إليه أبحاث أخرى في هذا المجال، في إدخال خوارزمية تأمر الذكاء الاصطناعي بعدم أخذ بعض المعلومات المكتسبة في الاعتبار، ولا تتضمن تعديل قاعدة البيانات.
ويؤكد مقداد كرمانجي أن هذه العملية يمكن أن تكون "أداة مهمة جدا" لتمكين أدوات البحث من الاستجابة مثلا لطلبات الحذف، عملا بقواعد حماية البيانات الشخصية.
ويؤكد أن الخوارزمية التي تم التوصل إليها أثبتت فاعليتها أيضا في إزالة المحتوى المحمي بموجب حقوق المؤلف أو في تصحيح بعض التحيزات.
لكن آخرين كمسؤول الذكاء الاصطناعي في "ميتا" (فيسبوك وإنستجرام) يان لوكان، يبدون أقل اقتناعا بهذه الفاعلية.
ويوضح لوكان لوكالة فرانس برس أنه لا يقول إن هذه الخوارزمية غير مجدية أو غير مثيرة للاهتمام أو سيئة، بل يرى أن ثمة أولويات أخرى.
ويعتبر مايكل روفاتسوس أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة إدنبره أن الحل التقني ليس الحل الناجع.
ويشرح أن إلغاء التعلم لن يتيح طرح أسئلة أوسع، ككيفية جمع البيانات، ومن المستفيد منها، أو من يجب أن يكون مسؤولا عن الضرر الذي يسببه الذكاء الاصطناعي.
ومع أن قضية براين هود عولجت، من دون تفسير، بعدما حظيت باهتمام إعلامي واسع أثمرَ تصحيح البيانات التي تعالجها "تشات جي بي تي"، فإنه يعتبر أن الأساليب التي ينبغي استخدامها في الوقت الراهن يجب أن تبقى يدوية.
ويقول الرجل الأسترالي "ينبغي أن يتحقق المستخدمون من كل شيء، في الحالات التي تعطي فيها روبوتات الدردشة معلومات خاطئة".