استقرار فائدة الإقراض بين البنوك السعودية.. سايبور 6 أشهر و12 شهرا عند 6.16 %
أظهر رصد لـ"الاقتصادية"، استقرار معدلات فائدة الإقراض بين البنوك السعودية في نوفمبر، مع التزام البنك المركزي الأمريكي بنهج حذر تجاه معدلات الفائدة.
وتفاوتت حركة آجال السايبور الأربعة بين الهبوط والارتفاع الهامشي، في إشارة إلى أن السوق لا تعرف بشكل قاطع توجهات الفائدة الدولارية بين الرفع أو الخفض أو التثبيت.
وتترقب حركة الفائدة المصرفية السعودية نتائج آخر اجتماع للفيدرالي لهذا العام في 13 ديسمبر والقرارات التي ستصدر بعده. مع العلم بأن توقعات مقدار الرفع تؤثر في الحركة الأسبوعية للسايبور.
وفي الوقت الذي انخفضت فيه معظم آجال الاستحقاق بشكل طفيف على أساس شهري، وحده "سايبور ثلاثة أشهر" ارتفع من 6.33 في المائة في أكتوبر إلى 6.35 في المائة مع إغلاق نوفمبر. وصعدت آجال السايبور الأربعة ما بين 57 و107 نقاط أساس "تعادل 4.94 في المائة و22.62 في المائة" منذ مطلع العام حتى نهاية نوفمبر.
وأظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية، أن المرجع التسعيري "سايبور ثلاثة أشهر"، الذي يستخدم مع الفائدة المتغيرة مع القروض، قد صعد، منذ بداية العام، بأكثر من 100 نقطة أساس حتى الآن بما يعادل 18.91 في المائة.
وفي المقابل فإن سايبور الشهر الواحد حقق أعلى ذروة له في هذا العام عندما بلغ 5.94 في المائة غير أنه تراجع عنها وأغلق بنهاية نوفمبر عند 5.80 في المائة مقارنة بـ4.73 في المائة مطلع العام.
وفي حدث نادر، أغلق سايبور ستة أشهر و12 شهرا بنهاية الشهر الماضي عند المستويات نفسها وهي 6.16 في المائة، مع العلم بأن سايبور "العام الواحد"، يعد مرجعا تسعيريا للوديعة الاستثمارية ذات أجل 12 شهرا. ومع ذلك، فإن المودعين الأفراد الذين يعتمدون على تحقيق أرباح شهرية من الودائع ذات 30 يوما يراقبون بكثافة حركة السايبور وتفاعل البنوك عبر رفع أرباح الودائع الاستثمارية بالسرعة الكافية.
ويأتي التذبذب في حركة آجال السايبور بين الصعود والهبوط لكونه يتأثر بما يجري لحركة الفائدة في القطاع المصرفي الأمريكي.
استند رصد "الاقتصادية" إلى بيانات منصة "ماكرو بوند" وكذلك منصة "سي بوندز" للبيانات المالية.
وفي أواخر سبتمبر وأوائل نوفمبر 2023 أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير عند أعلى مستوياتها منذ 22 عاما.
وفي أواخر يوليو 2023، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. وقرر أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في البنك المركزي الأمريكي زيادة معدلات الفائدة إلى نطاق 5.25 في المائة و5.50 في المائة.
وتعد هذه الزيادة الـ11 منذ أوائل عام 2022، ضمن 12 اجتماعا، جرى خلالها تثبيت أسعار الفائدة مرتين "بالتحديد في يونيو وسبتمبر 2023". ومنذ 16 مارس 2022 إلى 26 يوليو 2023، تم رفع الفائدة السعودية 11 مرة "بعد أن تم رفعها في أشهر مارس ومايو ويونيو ويوليو، وسبتمبر ونوفمبر وديسمبر من 2022 وفي فبراير ومارس ومايو ويوليو من 2023".
وفي يوليو 2023، قرر البنك المركزي السعودي "ساما"، رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" بمقدار 25 نقطة أساس من 525 نقطة أساس إلى 550 نقطة أساس "إلى 5.50 في المائة"، ورفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" بمقدار 25 نقطة أساس أيضا، من 575 نقطة أساس إلى 600 نقطة أساس "إلى 6 في المائة".
نمو الودائع المصرفية
دفعت بيئة أسعار الفائدة المرتفعة في السعودية المستثمرين لتوجيه مدخراتهم إلى الأوعية الاستثمارية بمختلف أنواعها، ولا سيما قليلة المخاطر التي كانت تقدم عوائد ضعيفة سابقا. وتشهد البنوك في السعودية تحولا في نوعية الودائع التي تستقبلها، بعد تركيز المودعين على إيداع أموالهم من خلال الودائع الادخارية والزمنية التي أصبحت تقدم عوائد مرتفعة وتاريخية.
وكانت "الاقتصادية" قد نشرت تحليلا لها في 28 أغسطس 2023 أشارت فيه إلى مواصلة الودائع في البنوك السعودية نموها بنهاية النصف الأول من العام الجاري، على أساس سنوي، بقيادة الودائع الادخارية مع إقبال المودعين عليها نتيجة ارتفاع الفائدة، إذ ارتفعت في أربعة بنوك بين 52 و120 في المائة، لكن قابله تراجع في الودائع تحت الطلب.
وتبع ذلك تحليل للصحيفة في 16 نوفمبر 2023 أشارت فيه إلى أنه خلال العامين الماضيين، أي منذ بدء رفع أسعار الفائدة، نمت الودائع في البنوك بنحو 19 في المائة، بفضل نمو الودائع الادخارية والآجلة بنحو 65 في المائة مقابل 1 في المائة فقط للودائع تحت الطلب "المجانية".
وخلال الربع الثالث، ارتفعت ودائع البنوك بدعم "الادخارية" في ظل بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وسط تنافس البنوك على جذب ودائع العملاء بتقديم معدلات فائدة تصل إلى 6 في المائة، ما أثر في معدل نمو الودائع تحت الطلب أو كما تعرف بالودائع "المجانية" التي انكمشت 2.4 في المائة خلال الفترة.
وخلال عامين، سجلت ثلاثة بنوك نموا في الودائع الادخارية والآجلة تجاوز 100 في المائة خلال الفترة، أعلاها البنك الأول بنحو 132 في المائة، ليقابله تراجع الودائع تحت الطلب بنحو 3 في المائة. وبلغ متوسط اعتماد البنوك السعودية على الودائع الادخارية والآجلة نحو 39 في المائة بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، مقابل 28 في المائة قبل رفع أسعار الفائدة. وكانت بنوك "الاستثمار والبلاد والجزيرة" الأكثر اعتمادا على هذه الفئة من الودائع التي شكلت نحو 63 و59 و58 في المائة على الترتيب.
قفزة بعد ركود
يذكر أن أسعار الفائدة بين البنوك السعودية قفزت بوتيرة قياسية خلال 2022 بعد فترة ركود لمستويات السايبور خلال 2020 و2019. وبذلك تسجل مؤشرات فائدة الإقراض بين البنوك أسرع ارتفاعاتها السنوية، في مؤشر على إغلاق نافذة الاستدانة متدنية التكلفة على الشركات والأفراد خلال 2022.
وتأتي تحركات السايبور وسط توقعات المستثمرين بتشديد الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية ورفع الفائدة خلال العام الجاري. حيث من الطبيعي أن تتفاعل آجال السايبور الأربعة مع أي رفع فعلي للفائدة خلال هذه العام.
وبحكم ربط العملة السعودية بالدولار فإن المراقبين يولون اهتماما كبيرا بتحركات السوفر "معدل التمويل المضمون لليلة واحدة" وبين قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حول زيادة أسعار الفائدة التي ابتدأت مع شهر مارس 2022.
وجاءت أسعار السايبور خلال 2019 و2020 لمصلحة قروض الشركات والقروض الشخصية والقروض العقارية وغيرها من القروض. حيث أسهمت بيئة الفائدة المتدنية في خفض دفعات القروض على المقترضين وفي تحفيز النشاط الاقتصادي.
الفائدة الثابتة
يعني تسعير أدوات الدين أو القروض بفائدة ثابتة أن المستثمر أو الجهة التمويلية يعرف حجم الفوائد التي سيتسلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة للصكوك نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق lock in نسبة العائد الثابت خلال الأوقات، التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين أو القروض المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنه يعاد تسعيرها، كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب مؤشر القياس المستخدم. فعالميا يتم استخدام السوفر، إذ يعد "السوفر" نظير "السايبور" للفائدة المقومة بعملة الدولار.
وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016 وتلك السندات المحلية المدرجة في السوق المحلية لدى "تداول".
فترة الفائدة المنخفضة
قبل الرفع الحالي للفائدة في 2022، خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين في شهر مارس 2020، في خطوة استثنائية جديدة لدعم اقتصاد الولايات المتحدة وسط جائحة فيروس كورونا الآخذة في التسارع في أنحاء العالم.
وقال البنك المركزي في بيان "إنه قرر خفض النطاق المستهدف لأسعار الفائدة إلى بين الصفر و0.25 في المائة". وكان مجلس الاحتياطي قد خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من مارس، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
وجاء رد البنك المركزي السعودي على خفض الفائدة الثاني من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال شهر مارس عندما خفض "ساما" معدل إعادة الشراء من 1.75 في المائة إلى 1 في المائة ومعدل إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المائة إلى 0.50 في المائة، ويعد ذلك خامس خفض لأسعار الفائدة السعودية خلال ثمانية أشهر.
وقبل خفض الفائدة مرتين في 2020، قام "ساما" أواخر أكتوبر بخفض أسعار الفائدة الأساسية في أعقاب قيام مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال 2019، معلوم أن معظم البنوك المركزية حول العالم، التي تربط عملتها بالدولار، قد خفضت أسعار الفائدة المحلية لتنضم بذلك إلى دورة التيسير النقدي، التي يقودها مجلس الاحتياطي الاتحادي جنبا إلى جنب مع نظراء خليجيين.
3 مراجع لتسعير الائتمان
يعتمد القطاع المالي السعودي على ثلاثة مراجع تسعيرية، أولها وأقدمها الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية "السايبور"، وثانيها "عقود المبادلة المقومة بالريال"، التي تستخدم لتسعير الائتمان في السوق المحلية، ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات، ويستخدم كذلك بدرجة نادرة "كمرجع تسعيري" مع تسعير الصكوك المحلية للقطاعين الخاص والحكومي، وثالث المراجع "عوائد الصكوك الحكومية لكل آجال الاستحقاق"، ويعد آخر مراجع التسعير للائتمان، التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ما السايبور؟
تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض "قصيرة الأجل" التي قد تراوح ما بين شهر وعام. وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية "التي تسعر بالفائدة المتغيرة" في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابه بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة. وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون في مأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة "تومسون رويترز" بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور".
وقال "ساما"، "إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي يقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منه لتعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية (سايبور)".
وتعمل اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك بالمشاركة في احتساب معدل "سايبور" الذي ستقوم "تومسون رويترز" باحتسابه استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "الأيسكو".
وحدة التقارير الاقتصادية