الأسواق والموجات الصاعدة

اقتربت السوق الأمريكية من ملامسة قممها التاريخية، حيث يتداول مؤشر إس آند بي 500 SPX بالقرب من أعلى قمة سجلها في تاريخه عند 4818 التي حققها في يناير العام الماضي 2022، يفصله عنها نحو 50 نقطة، بينما حقق مؤشر "داو جونز" قمة تاريخية جديدة هي الأعلى على الإطلاق منذ بدء تداوله، حيث تجاوز قمته التاريخية السابقة عند 36952 التي كان قد حققها أيضا في يناير من العام الماضي 2022، ويتداول حاليا بأعلى منها بفارق 600 نقطة متجاوزا مستويات 37500، بينما يبتعد مؤشر الناسداك الذي يضم شركات التكنولوجيا عن قمته بفارق يزيد على 1200 نقطة، حيث كان أول المؤشرات الأمريكية في تحقيق قمة تاريخية وسبق كلا من "سباكس" و"داو جونز" بشهرين، فقد حقق "ناسداك" مستوى 16212 نقطة في نوفمبر 2021، ويتداول حاليا بالقرب من مستوى 15 ألف نقطة، ولعل سبب تأخر "ناسداك" في الوصول إليها مجددا تأثر قطاع التكنولوجيا بالمقام الأول برفع أسعار الفائدة.
من الواضح حتى الآن أن الزخم الصاعد قوي فيما يتعلق بالسوق الأمريكية التي تعد قائدا لبقية الأسواق الأخرى، ومن أبرز الأسباب التي دعمت السوق توقعات المستثمرين بوصول الفيدرالي الأمريكي لذروة سياسته في التشديد النقدي، وتوقعاتهم بلجوء الفيدرالي إلى بدء تخفيض معدلات الفائدة مع نهاية الربع الأول من 2024، عوضا عن التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى بدء خفضها في النصف الثاني من العام المقبل، هذه التوقعات كانت مبنية على اجتماع الفيدرالي الأخير من العام الجاري الذي ثبت فيه أسعار الفائدة للاجتماع الثالث على التوالي، بدورها أسهمت هذه التوقعات في الضغط على الدولار وتراجع مؤشره لأقل من 102 نقطة، ما عزز من ارتفاع شهية المخاطرة وبالتالي إقبال المستثمرين على الأسهم والسلع مجددا.
من جانب آخر واصلت السوق السعودية ارتفاعها مستفيدة من تحسن شهية المخاطرة وارتفاع الأسواق العالمية، وقد تجاوزت مستوى 11700 نقطة للمرة الأولى منذ ما يزيد على أربعة أشهر، حيث كانت تتداول عند هذه المنطقة مطلع أغسطس الماضي، وارتفعت معدلات السيولة مع ارتفاع المؤشر العام للسوق، كما كان لإعلان ميزانية المملكة واستمرار تزايد الإنفاق على المشاريع والبنى التحتية، أثر في دعم السوق وإقبال المستثمرين، وعززت أسعار خام برنت بتجاوزها مقاومة 76 دولارا من تقديم الدعم للسوق، ويتداول خام برنت حاليا قرب مستوى الـ80 دولارا للبرميل.
من الناحية الفنية يبدو أن أسعار خام برنت على المدى المتوسط تستهدف منطقة أعلى من 84 دولارا للبرميل وقد تمتد لمستوى 91 دولارا، وسينعكس ذلك إيجابا على السوق السعودية، لذلك ربما تكون الفترة المقبلة مرورا بالربع الأول من العام المقبل مرحلة تشهد معها السوق بعض التعافي، علما أن بقاء السوق أعلى من مستوى 11600 يعزز من عدها قد دخلت بموجة صاعدة، خاصة بعد استطاعة السوق الإغلاق أعلى من 11600 لأكثر من يومين، التي كانت تعد حاجز مقاومة مفصليا للحكم بانتهاء الموجة الهابطة، كما يعد ارتفاع معدلات السيولة مع الارتفاع الحالي من الإشارات على ذلك، مع بقاء منطقة 11200 الدعم الأهم لضمان استمرارية هذه الموجه، وهي منطقة متغيرة لأعلى وفقا لحركة السوق والله أعلم بالصواب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي