كيف نصلح نظام التحكم في الحركة الجوية الأمريكية المعطل؟ «2 من 2»

يتلخص أحد حلول أزمة الطيران الأمريكية، الذي يدعمه عدد كبير من الخبراء، في تبني النهج الناجح الذي تتبعه كندا، نقل نظام مراقبة الحركة الجوية من إدارة الطيران الفيدرالية إلى شركة غير ربحية، وتمويله من خلال رسوم المستخدم. هذا هو نموذج "المنفعة العامة". الواقع أن حمل المستخدمين، وليس الكونجرس، على تمويل المنظمة من شأنه أن يسمح لها بتوظيف جيل جديد من المراقبين والاستثمار في تكنولوجيات متقدمة.
في حين قد يبدو إسناد مثل هذه الوظيفة الحرجة إلى شركة خاصة محفوفا بالأخطار في نظر بعض المراقبين، فإن هذه المخاوف قد تكون مضللة وخاطئة. ستظل إدارة الطيران الفيدرالية تشرف على نظام مراقبة الحركة الجوية وتصون سلامته، تماما كما تتولى حاليا تنظيم عمل شركات تصنيع الطائرات وشركات الطيران التي تهدف إلى الربح. الواقع أن الترتيب الحالي، الذي تعمل إدارة الطيران الفيدرالية بموجبه على تشغيل وتنظيم مراقبة حركة الطيران المدني، يمثل تضاربا في المصالح، وهو التضارب الذي تنصح منظمة الطيران المدني الدولي الدول بتجنبه. الواقع أن عددا كبيرا من الدول المتقدمة، بما في ذلك أستراليا وألمانيا والمملكة المتحدة ونيوزيلندا، عملت على خصخصة أنظمة مراقبة الحركة الجوية لديها جزئيا أو كليا، وأسفر ذلك عن نتائج إيجابية كبيرة.
نالت مقترحات مماثلة لخصخصة نظام مراقبة الحركة الجوية دعم خبراء مستقلين على مر الأعوام. وهم يراوحون بين التحرريين في مؤسسة Reason ومعهد Cato، وجوزيف ستيجليتز الحائز جائزة نوبل ودوروثي روبين، الذين عملوا في دعم جهود الرئيس السابق بيل كلينتون الفاشلة لإضفاء الطابع الشركاتي على نظام مراقبة الحركة الجوية في تسعينيات القرن الـ20. كما ساقت إيلين تشاو وزيرة النقل السابقة، التي خدمت في إدارة الرئيس دونالد ترمب، الحجج لمصلحة إصلاح نظام مراقبة الحركة الجوية على هذا النحو.
لماذا إذن لم توضع هذه المقترحات موضع التنفيذ؟ تتلخص إحدى الإجابات في السلطة السياسية التي يتمتع بها مالكو الطائرات النفاثة الخاصة التابعة لشركات. تمارس هذه المجموعة العظيمة النفوذ، رغم صغر حجمها، عمليات ضغط ناجحة تركز على الحفاظ على إمكانية الوصول إلى المطارات بتكلفة زهيدة.
لا شك أن التحديات المالية التي تواجه نظام مراقبة الحركة الجوية ستكون أقل حدة بعض الشيء إذا دفع أصحاب طائرات الشركات الخاصة نصيبهم العادل من الرسوم. في ظل الأوضاع الحالية، يدعم النظام بشكل كبير الطائرات النفاثة الخاصة الصغيرة على حساب الركاب التجاريين المساقين، الذين يضطرون إلى دفع ضرائب ورسوم باهظة. رغم أن أسطول الطائرات الخاصة سريع النمو يمثل نحو سدس الرحلات الجوية التي تديرها إدارة الطيران الفيدرالية، فإنه يسهم بنسبة 2 في المائة فقط من الإيرادات الضريبية التي تعتمد عليها الهيئة. ويقدر الدعم الفعلي بنحو مليار دولار سنويا.
يجب أن يشتمل نظام مراقبة الحركة الجوية على حوافز لتغليب أولوية شركات الطيران التجارية، الأكثر انسجاما مع احتياجات الركاب، على مصالح جماعات ضغط الطائرات الخاصة. إن خصخصة نظام مراقبة الحركة الجوية من شأنه أن يجعله مسؤولا أمام عامة الناس، وليس جماعات الضغط وإسهاماتها في الحملات الانتخابية، وإرغام مالكي الطائرات الخاصة على دفع حصتهم العادلة. هذا من شأنه أن يؤدي إلى تقليل عدد عمليات الإقلاع والهبوط، وبالتالي تخفيف الازدحام في المطارات وعبء العمل الملقى على عاتق مراقبي الحركة الجوية.
رغم أن صناع السياسات والباحثين يدركون تمام الإدراك الدور الذي تلعبه مجموعات المصالح الصغيرة القوية في واشنطن، فإن المسافرين لا يفهمون دائما كيف تسهم هذه التأثيرات في إطالة أوقات الطيران، وتأخير الرحلات على نحو متكرر، وإلغائها، وحوادث الاصطدام الوشيكة. وإذا أدرك الناخبون هذه العلاقة السببية، فربما يصبح لدى الكونجرس الدافع للتحرك.

خاص بـ«الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي