حب في الـ 70
في حياتنا المعاصرة تعودنا على الاستماع للقصص الدرامية وأحداثها الكئيبة، حتى أصبحت هي الغالبة في مجالسنا ولقاءاتنا، كأننا نشعر بتأنيب الضمير إن تداولنا تلك القصص التي يغمر تفاصيلها الأمل والسعادة، الأمر الذي يدعو إلى القلق، أن تلك القصص الدرامية تترك بقايا آثارها المؤلمة في النفس وربما عكرت صفو خواطرنا باقي اليوم، أما الطامة الكبرى فهي حين يتخيل البعض أن ما حصل لصاحب القصة من غدر وخيانة وخذلان وغيره، قاعدة يجب تعميمها على علاقاته مع الآخرين فيعيش في قلق وتوجس وسوء ظن يفسد عليه كل تلك اللحظات التي كان يستحق أن يعيش جمالها.
منذ شهور لم تصلني قصة بهذه الروعة، تقول صاحبة الرسالة: "منذ وعيت وإخوتي على هذه الدنيا أدركنا كم نحن محظوظين، فقد من الله علينا بوالد عطوف وأم حنون، ورغم كل ظروف الحياة المادية الصعبة التي عشناها معهم في البدايات إلا أننا لم نسمع أمي تذمرت يوما أو عايرت والدي بعدم قدرته على تحقيق المستوى المعيشي المرتفع الذي كانت تعيشه في منزل أهلها، ولم نسمع والدي يهين والدتي أو يحط من قدرها أو يجرح مشاعرها بكلمة تبكيها أو يقارنها بامرأة ما، المعنى الحقيقي للرحمة والمودة كان مجسدا فيهما وما زال، كان كل واحد منهما يكمل الآخر كأنهما "حبة فول وانقسمت نصفين"، بل قد تعجبين يا سيدتي إن أخبرتك أن تلك المودة والرحمة كانت بمرور الأعوام تتحول لحب جارف حتى أصبحا لا يطيقان البعد عن بعضهما لبضع ساعات.
دورات الحياة الزوجية لم نكن بحاجة لها كأبناء، فقد تعلمناها تطبيقيا كل يوم ونحن نرى كيفية تعاملهما مع بعضهما، اعترضتهما كثير من الأزمات والمشكلات لكنهما كانا يتجاوزانها بدعم ومساندة كل منهما للآخر، اليوم أمي في الـ72 ووالدي في الـ77، كل ذلك العشق الذي يسكن قلبيهما انعكس عليهما ظاهريا، ومن يراهما يعطيهما عمرا أصغر بكثير، إلى اليوم والدتي لا يفارق الحناء يديها، تهتم بزينتها كأنها عروس، ووالدي يحرص على أناقته، أمي ما زالت تستقبل والدي بالحضن حين يعود، وتبخره حين يخرج، يقبل يديها وتقبل رأسه، وتتفنن له بأطيب الطعام، وقهوة المغرب من طقوس حبهما منذ أكثر من 56 عاما، والدي بفضل الله ثم مساندة أمي له أصبح مليونيرا، وكتعبير عن امتنانه لها طوال هذه الأعوام كتب نصف أملاكه باسمها، اليوم أجمل لحظاتنا كأبناء لهما حين نرى وميض الحب في عينيهما ما زال مشتعلا".
وخزة:
"السلام على زوج جعل زوجته أميرة النساء".