هل يمكن تحديد المواهب الابتكارية بمجرد اختبار؟

الموهبة الابتكارية هي تلك التي تكون لديها القدرة على إبداع الأفكار النوعية الجديدة والفاعلة، ولديها كذلك القدرة على تطوير هذه الأفكار بشكل مستمر، ويمكن أن تظهر هذه الموهبة في مجالات مختلفة وقطاعات متنوعة، من تلك المجالات، التقنيات التكنولوجية بمختف تخصصاتها وفي العلوم والفنون بتنوعها وفي إدارة الأعمال وأشكالها المختلفة وغيرها، ويمكن للموهوبين المبدعين أن يربطوا بين أفكارهم الإبداعية وبطرق متكاملة غير تقليدية لإيجاد عديد من الحلول لكثير من التحديات والمشكلات الصعبة والمعقدة.
وفي هذا المقال سأتحدث عن طرق تحديد أو بالأحرى طرق اكتشاف هذه المواهب وأنواعها وكيفية توجيهها والمحافظة عليها، لكونها تعد ثروة حقيقة تسهم بشكل مباشر في تحقيق التقدم في كثير من القطاعات متى ما وجدت هناك، سواء كانت هذه القطاعات اجتماعية أو صحية أو على المستوى الأمني أو الدفاعي، ولكونها كذلك تعد أيضا أحد ممكنات وتعزيز التطوير والازدهار الاقتصادي.
تعد الموهبة الابتكارية أحد العناصر المهمة في تطوير المجتمعات وتقدمها، حيث يسهم الأفراد ذوو المواهب الابتكارية في دفع عجلة التقدم والعمل على تطويرها وتحسينها باستمرار، والموهبة الابتكارية تتضمن عديدا من المميزات تشمل القدرة على رؤية الفرص والتحديات من منظور مختلف، وفهم الجوانب غير المألوفة بشكل إبداعي، كذلك القدرة على إنتاج أفكار جديدة ومفيدة، ومن ضمن المميزات التي لديها أيضا القدرة على التنظيم والتنفيذ من خلال إمكانية تحويل الأفكار إلى واقع ملموس وفاعل عن طريق التخطيط والتنظيم لكثير من العمليات اللازمة لتحقيق الأهداف التي تم ابتكارها، أيضا هناك ميزة القدرة على تحمل المخاطر واستكشاف مجالات جديدة دون الخوف من المستقبل أو الفشل، أيضا ميزة الاستعداد لاكتساب المهارات والمعرفة الجديدة والتعلم المستمر بشكل دائم، لتحسين الأداء وتعزيز الإبداع، أضف إلى القدرة على التكيف مع التغييرات والتحولات بشكل إبداعي وبناء.
ولذا تحديد المواهب الابتكارية الإبداعية ليس من الأمور السهلة على الإطلاق بل يعد تحديا كبيرا لا يمكن تجازوه من خلال عقد اختبار واحد فقط، لكون هذه المواهب الابتكارية تشمل عدة جوانب ذكرت بعضها سابقا، التي من الصعوبة بمكان قياسها بشكل شامل من خلال عقد اختبار واحد، إلا أن هناك عديدا من الاختبارات الشائعة المستخدمة لتحديد وتقييم المواهب الابتكارية من تلك الاختبارات على سبيل المثال لا الحصر، اختبار تورانس للتفكير الإبداعي، حيث يتضمن هذا الاختبار مجموعة متنوعة من المهام التي تتطلب من المشاركين توليد أفكار جديدة وحل المشكلات بشكل مبتكر، وهناك اختبار التفكير التباعدي الذي يتضمن مجموعة متنوعة من المهام التي تتطلب من المشاركين أيضا تقديم عديد من الحلول الممكنة لمشكلة معينة، وكذلك اختبار التفكير النقدي الذي يشمل مجموعة متنوعة من المهام التي تتطلب من المشاركين تقييم المعلومات واتخاذ القرارات المنطقية غير التقليدية، أضف إلى ذلك أنه بالإمكان أيضا استخدام الملاحظة والتقييم الشخصي لتحديد المواهب والسلوكيات التي تشير إلى موهبة الابتكار، كما يمكن كشف هذه المواهب من خلال وضع منسوبي أي منظمة أو قطاع في تحديات لإيجاد حلول إبداعية بحيث يتعين عليهم فيها إيجاد حلا إبداعيا لمشكلة معينة، لكون ذلك يمكن أن يظهر قدراتهم في إيجاد حلول جديدة وفريدة، وبالتالي يمكن أكتشاف وتحديد المبتكرين والمبدعين منهم، كما يمكن من خلال إجراء مقابلات مخصصة وموجهة نحو الإبداع، تتضمن هذه المقابلات أسئلة ومهام تحفز المتقدمين على الابتكار والتفكير خارج الصندوق، ومن الطرق أيضا للكشف عن المواهب الابتكارية ايضا، عن طريق فحص وتتبع الأعمال السابقة التي قام بها منسوبو أي منظمة أو قطاع في مجالات تتعلق بالإبداع، سواء كانت مشاريع شخصية أو مشاركات في مجالات معينة.
وبالتالي أرى أنه لا يمكن تحديد المواهب الابتكارية بمجرد اختبار فقط، فالأمر يتطلب تقييما شاملا يأخذ في الحسبان مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك، القدرات المعرفية، مثل التفكير الإبداعي والمهارات الشخصية، التي تشمل فضول الاستكشاف والمثابرة والقدرة على تحمل المخاطر ونوعية الاهتمامات، ومن واقع خبرتي الشخصية في هذا المجال، أنه يتم اكتشاف المواهب الابتكارية من المراحل الدراسية الأولى فعلى سبيل المثال في المملكة المتحدة وأستراليا، وجدت أن تحديد المواهب والقدرات الابتكارية والإبداعية يتم من خلال المراحل الدراسية الأولى، حيث يتم وضع الطلاب في مجموعات مختلفة، وتكون من ضمن وظائف المعلمين والمرشدين المهمة هي اكتشاف مواهب طلابهم وهواياتهم وتواجهاتهم وميولهم العلمي، حيث يتم توافر صورة أكثر اكتمالا عن قدراتهم الشخصية التي تمكن من اكتشاف المواهب الابتكارية لديهم، وبالتالي يتم التركيز على ذلك من خلال توجيههم التوجيه السليم وصقل تلك المواهب وتشجيعهم وتحفيزهم وتبنيهم منذ المراحل الدراسية الأولى، وبالتالي يكون هناك منهم العلماء المبتكرون والمبدعون في مجالاتهم وتخصصاتهم المختلفة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي