ما متطلبات الاقتصاد والأمن العالميين؟ «1 من 3»

يمر النظام العالمي الآن بتغيرات كبرى تتطلب أجندة جديدة لضمان الأمن الاقتصادي. فمن الحروب الساخنة وحركات التمرد المحلية إلى المواجهات بين القوى العظمى، تسبب الصراع الجيوسياسي في تحويل العلاقة المعقدة بين الاقتصاد والأمن إلى مصدر قلق يومي للناس العاديين في كل مكان. وتزداد الأمور تعقيدا على تعقيد بفعل حقيقة مفادها أن الأسواق الناشئة تكتسب مزيدا من النفوذ الاقتصادي وتتحدى مباشرة هيمنة القوى التقليدية التي طال أمدها من خلال شبكات وتحالفات استراتيجية جديدة.
كانت هذه التطورات وحدها كفيلة بجعل هذه الفترة مضطربة تتسم بعدم الاستقرار الاقتصادي والتضخم وارتباكات سلاسل التوريد، لكن يتعين علينا أن ننتبه أيضا إلى التقدم التكنولوجي السريع الذي أدى إلى ظهور أخطار أمنية جديدة، مثل سباقات التسلح والتهديدات السيبرانية، فضلا عن الأخطار الطبيعية مثل الجوائح المرضية وتغير المناخ.
لكي نبحر عبر أهوال هذا العالم الجديد الخطير، يتعين علينا أن نضع في الحسبان ثلاثة أبعاد مترابطة: التأثيرات التي تخلفها التطورات الجيوسياسية على الاقتصاد العالمي، وتأثير العلاقات الاقتصادية العالمية في الأمن القومي، والعلاقة بين المنافسة الاقتصادية العالمية والرخاء في عموم الأمر.
يلقي كل مسار الضوء على التفاعل المتعدد الأوجه بين الاقتصاد والأمن. ينبغي لنا أن نفهم هذه التحديات كلها إذا كان لنا أن ننجح في التصدي للتحديات المتنوعة والمعقدة التي يفرضها نظامنا العالمي المترابط إلى حد كبير.
وكما أظهرت الأعوام الأخيرة، فقد تؤثر العوامل الجيوسياسية بشكل عميق في الاقتصاد العالمي، فتعيد تشكيل التجارة، وتدفقات الاستثمار، والسياسات في بعض الأحيان، بين عشية وضحاها تقريبا. فضلا عن خسائرها البشرية المدمرة، فإن حروبا مثل حرب روسيا مع أوكرانيا والحملة التي تشنها إسرائيل في غزة في الأغلب ما يتردد صداها إلى ما هو أبعد من المسرح المباشر للصراع.
على سبيل المثال، تسببت العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، وارتباك صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى عنان السماء، الأمر الذي أدى إلى انعدام أمن الإمدادات والتضخم على نطاق عالمي.
علاوة على ذلك، عملت الصين على تعميق علاقاتها الاقتصادية مع روسيا في أعقاب هجرة الشركات الغربية الجماعية عامي 2022 و2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي