سردية النمو الأخضر التقدمي «2 من 3»

إن الهواتف المزودة بكاميرات وبطانيات القصدير وحليب الأطفال وبرامج الكمبيوتر ليست سوى عدد قليل من مئات الابتكارات التي لا تزال تفيدنا حتى اليوم. إنه من الممكن أن تعمل استراتيجيات معالجة تغير المناخ على إعادة إيجاد هذا النمط من خلال الاستثمارات في البنية الأساسية، النقل، الزراعة، الطاقة، والابتكار الرقمي. إن البلدان التي كانت سباقة في استخدام الطرق الموفرة للطاقة من أجل إنتاج الصلب والأسمنت إضافة إلى أساليب أنظف لاستخراج المعادن الرئيسة ستصبح أكثر قدرة على المنافسة مع تطبيع المعايير الخضراء، كما أن الاقتصاد الرقمي الذي يساعد القطاعات على التحول إلى الاقتصاد الأخضر سيجذب الاستثمار العالمي، وبالمثل، يتطلب برنامج الوجبات المدرسية الذي يضمن الوصول إلى وجبات غذاء صحية ولذيذة ومستدامة لجميع الأطفال مشتريات عامة تركز على تحقيق النتائج والتعاون مع الشركات الخضراء المحلية عبر سلسلة الإمدادات الغذائية.
ثالثا، تتطلب المهمات تمويلا صبورا وطويل الأجل ومتحملا للمخاطر بحيث يمكنه أن يحشد أشكالا أخرى من التمويل ويدفع التغييرات التحويلية في مراحل مختلفة من دورة الابتكار والأعمال. إذا تم تنظيم التمويل العام بشكل جيد، فإنه قادر على تشكيل بل إيجاد الأسواق من خلال توجيه القروض والمنح والضمانات والأدوات القائمة على الديون والأسهم نحو الشركات الراغبة في الاستثمار في حل مشكلات محددة، وعلى الرغم من تقديم هذا المصطلح في كثير من الأحيان كشكل من أشكال "التخلص من المخاطر"، إلا أن هناك خطأ في فهم المغزى الحقيقي، حيث تتطلب هذه الحالات خوض المخاطر، وبالتالي آليات لتقاسم المخاطر والمكاسب.
أما بالنسبة للطاقة المتجددة ففي كثير من الأحيان استثمرت بنوك التنمية الوطنية في مختلف أنحاء العالم في محافظ استثمارية تشتمل على تقنيات عالية المخاطر تشق طريقها نحو التسويق التجاري القابل للتطوير، فمن خلال قيادة المشاريع بالمراحل المبكرة وذات المخاطر العالية التي تتطلب رأس مال كبير، يصبح بوسع التمويل العام أن يعمل كمستثمر الملاذ الأول، وليس مقرض الملاذ الأخير وأن يلعب دورا بالغ الأهمية في إيجاد وتشكيل أسواق خضراء جديدة.
رابعا، إن قدرات القطاع العام مهمة حيث تتطلب مهمة الطاقة النظيفة الوطنية الطموحة حكومات وطنية وإقليمية ومحلية واثقة وكفؤة ومجهزة تجهيزا جيدا بحيث تعمل معا من أجل استخدام أدوات مثل المشتريات والاستثمارات الموجهة نحو تحقيق النتائج، ومن أجل نشر وتشغيل خطة المناخ التي تبلغ قيمتها 28 مليار جنيه استرليني بشكل فعال، تحتاج المملكة المتحدة إلى المهارات المناسبة في كل من الصناعات الخضراء وفي مؤسسات القطاع العام، ومع ذلك، أصبحت عديد من الحكومات، بما في ذلك في المملكة المتحدة، تعتمد بشكل مفرط على الشركات الاستشارية الكبرى التي تعتمد نماذج الأعمال الاستخراجية مما أدى إلى تقزم قدرة الدولة، ومع قيام حزب العمال بزيادة اعتماده على الاستشاريين بمقدار أربعة أضعاف، فإن من الواضح أن من الضروري تغيير المسار.
خامسا، يتطلب التحول الأخضر العادل عقدا اجتماعيا جديدا وهذا يعني إعادة تعريف الشراكة الاعتيادية بين الحكومة وقطاع الأعمال، وفي حين أن معدلات الربح مرتفعة على مستوى العالم، فإن معدلات الاستثمار ليست كذلك، وذلك بسبب تزايد أهمية قطاع التمويل والأعمال على حساب القطاعات الأخرى.

خاص بـ" الاقتصادية"

حقوق النشر بالاتفاق مع بروجيكت سنديكت، 2024

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي