حالات تضخم مرغوب فيه
الكلام كثير عن التأثيرات السلبية للتضخم، أي ارتفاع الأسعار. لكن في المقابل، هل هناك حالات يكون لارتفاع الأسعار فيها تأثيرات إيجابية، نعم هناك حالات ومعدلات الارتفاع غير عالية في نظر الناس. أحد الأسباب أنه ينظر إلى هذا التضخم على أنه ضغط خطر كامن، يعمل على خفض قيمة النقود. الخفض يحفز على الادخار والاستثمار، بدلا من مشاهدة النقود تتآكل. ويؤخذ بهذه الحجة عند الدفاع عما يسميه البعض "تمويل التنمية بالتضخم"، الذي يعني التوسع في الإنفاق التنموي، بما يزيد على الاكتفاء بموارد المالية العامة المتاحة. وكان هذا من عوامل تطوير الدولة ممثلة في وزارة المالية لبرنامج "صح".
من الأسباب الأخرى للنظر بإيجابية إلى حالات من معدلات التضخم المنخفضة أن المفاوضات على الأجور ليست سهلة، خاصة عبر خفضها، ومن ثم يكون من السهل للأسعار النسبية "نسبة أسعار السلع والخدمات والأجور بعضها إلى بعض" أن تتكيف عند وجود زيادة عامة في الأسعار. وبعض الأسعار بطبيعتها صعب نزوله. ومن جهة أخرى المحاولة لجعل الأسعار ثابتة "ربما لمكافحة التضخم" تعاقب في أحيان كثيرة المنشآت ذات الأسعار والأرباح والتوظيف الجانحة إلى الانخفاض.
يتفاوت تأثر الإنتاج بالتضخم حينما يكون هناك ثبات في تكيف التكاليف مع الأسعار وكميات الإنتاج. وبين بعض الباحثين أن هذا التفاوت يتحدد وفقا لمرونة إيرادات المنشأة بالنسبة إلى الطلب على إنتاجها. كلما زادت هذه المرونة، تأثر الإنتاج سلبا بالتضخم.
تفسير ذلك هو أن ارتفاع أسعار السلع الكمالية "على وجه العموم" يجعل مبيعاتها تتأثر سلبا بصورة أقوى من السلع الأهم عند ارتفاع أسعارها "مع بقاء الظروف الأخرى على حالها". السلع الكمالية تتصف عادة بأنها عالية المرونة.
إلا أن معدلات التضخم التي تزيد على الحدود المطلوبة للحرية النقدية وحوافز الاستثمار تعد سلبية، بل وقد تكون آثارها بالغة السوء، عندما تبلغ المعدلات أرقاما عالية أقرب إلى الخيالية.
يعمل التضخم على تغيير الأسعار النسبية، ويعمل على دفع الأجور إلى الارتفاع، لكن من الملاحظ أن ارتفاع الأجور يقل في كثير من الأحيان عن ارتفاع الأسعار، ما يعني انخفاض الأجور الحقيقية. إذا كان انخفاض الأجور الحقيقية عاليا، فهذا نذير سوء لأغلب الناس.
أصحاب العقارات يربحون جراء التضخم، وكذلك أصحاب الأسهم، وهو ربح وهمي أحيانا، لكن حملة سندات التمويل "أدوات إقراض" في العادة يخسرون، لأن الفوائد أو العوائد التي يتقاضونها، تكون في العادة ثابتة.
ماذا بشأن المقترضين؟ إذا كان حملة سندات التمويل من الخاسرين، فإن المقترضين يستفيدون من التضخم، بالنظر إلى انخفاض القيمة المستقبلية للنقود.
عند حصول زيادة في الدخول لمعاكسة التضخم، فإن المحصلة غالبا كما يلي:
من ترتفع دخولهم بنسبة تزيد على نسبة ارتفاع الرقم القياسي، يكسبون قوة شرائية أعلى. أما الذين لا ترتفع دخولهم بنسبة تزيد على نسبة ارتفاع الرقم القياسي، فإنهم إما لا يكسبون أو يخسرون "القوة الشرائية لا تتغير أو تنخفض".
والصيغة التالية توضح بالتقريب العلاقة بين التغيرات في الدخل الاسمي "يستعمل هذا التوصيف في علم الاقتصاد كثيرا ليعني الدخل المستلم، وله اسم آخر هو الجاري" والرقم القياسي والدخل الحقيقي "الذي يعني الدخل الاسمي مراعى فيه التضخم":
لنفترض أن نسبة التغير في الدخل الاسمي لزيد من الناس خلال خمسة أعوام 20 %، ونسبة التضخم خلال المدة نفسها 24 %. إذن نسبة التغير في الدخل الحقيقي = 20 % – 24 % = -4 %.
ما المدة التي تتضاعف خلالها الأسعار؟ إذا كان معدل التضخم 5 % تتضاعف خلال بضعة عشر عاما تقريبا. أما إذا كان معدل التضخم 10 % فتتضاعف خلال سبعة أعوام تقريبا. وإذا كان معدل التضخم 20 % تتضاعف خلال أربعة أعوام تقريبا.